الفصل الأول
الى اللقاء أيها الحبيب
الى اللقاء أيها الحبيبة
وأسندت أليس مارتن كتفها ألى الباب.ووقفت تراقب زوجها وهو يبتعد فى الطريق الى القرية
ما لبس الزوج أن أنحرف فى احد المنحنيات وغاب عن بصرها. ولكنها ظلت مع ذلك فى مكانها،فى نفس الوضع تنظر أمامها بعينين حالمتين وتعالج بأناملها وهى شاردة الذهن خصلة من الشعر عبث بها النسيم فتلاعبت على وجهها. لم تكن أليس مارتن رائعة الجمال. بل أنها لم تكن جميلة على الأطلاق ولكن وجهها وهو وجة أمرأة تجاوزت سن الشباب منذ سنوات عديدة كانت تعلوة مسحة من الهدوء والدعة لم يعهدها زملائها فى المكتب الذى كانت تعمل بة قبل زواجها. حيث كانت تمثل الموظفة النحيلة الجسم الصارمة الوجة ذات العقل المرتب والكفاءة العالية والتصرفات التى تتسم أحيانا بالغلظة والجفاء.
كانت اليكس قد تعلمت فى مدرسة الحياة وشقت طريقها فى أوعر السبل وظلت خمسة عشر عاما من الثامنة عشرة من عمرها حتى الثالثة والثلاثين تكسب قوتها وقوت أمها المريضة من عملها ككاتبة أختزال وكان كفاحها من أجل البقاء هو ما أكسب قسمات وجهها تللك الصلابة التى عرفت عنها قبل أن تتزوج
ولقد عرفت أليكس الحب فى وقت ما وكان الطرف الأخر زميلا لها فى المكتب يدعى ديك وندفورد
وعرفت بغريزة المراءة أن ديك يحبها ولكنها تظاهرت بأنها لا تعرف وهكذا ظلا فى الظاهر مجرد زميلين وصديقين
وكان ديك يتقاضى مرتبا صغيرا وكان عليةأن يتحمل نفقات تعليم أخية الصغير فكان التفكير فى الزواج فى هذة الظروف يعد ضربا من الجنون.
ثم جاءت النجدة فجأة وتخلصت الفتاة من الأحاسيس التى كانت تطحنها وهى تكد طول يومها من أجل لقمة العيش.جاءتها النجدة من حيث لا تدرى فقد ماتت أحدى قريباتها وتركت لها ثروة تقدر ببضعة ألاف من الجنيهات.ويربى ريعها على المائتين فى العام
كان هذا الميراث الصغير بالنسبة أليها يعنى الحرية والحياة والأستقرار.ويعنى أنها وديك لم يعودا بحاجة ألى الأنتظار أكثر مما أنتظرا. ولكن رد فعل ديك كان غير ما توقعت
لم يكن قد باح لها بحبة بطريقة مباشرة ولم يقل لها قط أنة مولع بها.فلما ألت اليها الثروة بدا وكأنة لن يفعل ذلك أبدا فقد راح يتجنبها ما أستطاع ألي ذلك سبيلا وازداد وجوما وانطواء على نفسة.
وسرعان ماعرفت أليكس الحقيقة وفطنت إلى السبب .السبب أنها أصبحت ذات ثروة وأيراد خاص.
وأن كبرياء ديك واعتدادة بنفسة يمنعانة من طلب يدها
ولم يزدها ذلك الااعجابا بة وإكبارا لة حتى لقد فكرت جديا فى أن تخطو هى الخطوة الأولى وحين همت بأن تفعل ذلك حتى دخل جيرالد مارتن حياتها فجأة وعلى غير انتظار.
كانت قد قابلتة فى منزل صديقة لها فأحبها من أول نظرة حبا عنيفا ولم يمض أسبوع حتى طلب يدها.
ولم تكن أليكس تعد نفسها من الفتيات اللاتى ينسقن مع تيار الحب فى غير روية.
ولكنها وجدت بغتةأن الحب قد جرفها فعلا منذ أول لحظة وقع فيها بصرها على جيرالد.
ولم يخطر لها ببال أن هذا الحب الجارف وهذة الخطوبة السريعة ستثيران غيرة ديك على نحو ما حدث
فقد جاءها ذات يوم وهو يتميز حنقا وغضبا وقال لها فيما قال
- ولكن هذا الرجل غريب عنك تماما وأنت لا تعرفين شيئا عنة
فأجابت كل ما أعرفة اننى أحبة وأنة يحبنى
- هل أنت واثقة من ذلك؟ أنك لم تقابلية ألا منذ أسبوع واحد
فصاحت فى غضب:ليس كل رجل بحاجة ألى أحد عشر عاما لكى يعرف أنة يحب فتاتة
ففر لونة وأجاب: لقد أحببتك منذ أن وقع بصرى عليك وكنت أظن أنك تحبيننى
فقالت فى صدق : ذلك ماظننتة أنا أيضا ربما لأننى لم أكن أعرف ما هو الحب
وهنا أنفجر ديك مرة أخرى فهاج وماج وهدد وتوعد ثم لجأ ألى الرجاء والتوسل.
فلما ذهبت توسلاتة سدى عاد ألى التهديد بقتل الرجل الذى انتزعة من قلبها واستأثر بحبها.
تزكرت هذا اللقاء العاصف بينها وبين ديك وهى واقفة بباب المنزل بعد أن شيعت زوجها ببصرها حتى أختفى. كانت قد تزوجت منذ شهر وكانت سعيدة ألى أقصى حدود السعادة.
ولكن هذة السعادة كان يشوبها دائما شىء من القلق كلما غاب عنها زوجها الذى أصبح كل شىء فى حياتها.
وكان مصدر هذا القلق هو ديك وندفورد.لقد رأت نفس الحلم ثلاث مرات منذ زواجها
وفى كل مرة كان المكان يختلف ولكن الحقائق لا تتغير.
كانت ترى فيما يرى النائم أن زوجها ملقى على الأرض جثة هامدة وأن ديك واقف بجوارة وأنها تعلم عن
يقين أن يد ديك هى اليد التى صرعت زوجها.
حلم مزعج ولكن ما كان يزعجها أكثر حينما تستيقظ هو المشهد الأخير فى الحلم.
فهى فى المشهد تبدى ارتياحها لموت زوجها وتمد يدها ألى قاتلة شاكرة ومهنئة
وينتهى بها المشهد وهى بين ذراعى ديك وندفورد.
الفصل الثانى
لم تذكر أليكس لزوجها شيئا عن هذا الحلم ولكن الحلم أزعجها أكثر مما ينبغى
فراحت تسائل نفسها هل هو أنذار؟ هل هو تحذير من ديك وندفورد؟
وانتبهت أليكس من تأملاتها على رنين جرس التليفون داخل المنزل.
فأسرعت ألى حيث كانت ألة التليفون وتناولت السماعة ولكنها ما كادت تسمع صوت المتكلم حتى ترنحت واسندت يدها ألى الجدار لكى تحفظ توازنها.
هتفت متسائلة : من
- ماذا حدث لصوتك يا أليكس؟ كدت ألا أعرفة. أنا ديك.
- آة أين أين أنت الآن
- أننى اتكلم من حانة السائح اظن أن هذا هو أسمها حانة السائح أم لعلك لا تعرفين أن فى قريتك حانة بهذا الأسم ؟ اننى الأن فى أجازة أقضيها فى صيد السمك.هل ثمة مانع من أن أزوركما الليلة بعد العشاء.
فأجابت بحدة: كلا لا يجب أن تأتى
فساد الصمت قليلا ثم جاء صوت ديك وقد تغير تغيرا واضحا
-أرجو المعذرة فما أردت مضايقتكما لقد
قاطعتة أليكس بسرعة:لابد أنة وجد فى جوابها شيئا من الشذوذ لقد كان جوابا شاذا بالفعل
قالت بصوت حاولت أن تجعلة يبدو طبيعيا: لقد أردت أن أقول أننا على موعد مع بعض الأصدقاء الليلة
هل تتناول طعام العشاء معنا غدا
ولكن ديك لاحظ ما فى صوتها من فتور لأنة رد فى هدوء وبنفس الأسلوب المهذب
-شكرا جزيلا ولكنى أتوقع الرحيل بين لحظة وأخرى فالأمر يتوقف على صديق لى قد يأتى وقد لا يأتى ألى اللقاء يا أليكس
وبعد صمت قصير أردف قائلا بصوت مختلف تماما
-أتمنى لك كل التوفيق أيتها العزيزة.
فوضعت أليكس السماعة وتنهدت بارتياح وقالت تحدث نفسها:
-لايجب أن يأتى ألى هنا نعم لا يجب أن يأتى ألى هنا ولكن ماذا دهانى؟ وما سبب هذا الأضطراب الذى دهمنى؟ على كل حال أنا سعيدة لأنة لن يأتى
قالت ذلك وتناولت قبعة عريضة كانت على المائدة وخرجت ألى الحديقة ولكنها توقفت عند الباب وألقت نظرة على الأسم المنقوش فوقة (كوخ البلابل)
لقد قالت لجيرالد مرة قبل زواجها: الا ترى أنة أسم عجيب؟
فضحك وقا ل: أراهن أنك لم تسمعى قط بلبلا يغرد.وأنا مسرور لذلك فأن البلابل لا تغرد ألا للعشاق ولسوف نسمعها حين تغرد فى امسيات الصيف.
وتذكرت اليكس كيف أنهما سمعاها فعلا واحمر وجهها سعادة وهى تنظر ألى الأسم المنقوش فوق الكوخ.
كان جيرالد هو الذى وجد الكوخ وقد جاءها ذات يوم وهو يكاد يطير فرحا وقال لها أنة وجد بيت الأحلام.
المنزل الذى يخيل الية أنة شيد من أجلهما انة تحفة نادرة بل هو فرصة العمر!
وحينما ذهبت اليكس وتفقدتة فتنت بة على الفور واعترفت بأن جيرالد لم يبالغ فى وصف جمالة ومزاياة.
صحيح أنة كان يقع فى بقعة منعزلة تبعد نحو ثلاثة كيلو مترات عن أقرب قرية ألا أنة رائع بطرازة القديم ومرافقة الحديثة فهو مزود بالماء الساخن والكهرباء والتليفون بة حمام فسيح لم تر اليكس أفسح ولا أجمل منة. فتنت اليكس بالمنزل وأحبتة حين رأتة ولكن كانت هناك عقبة أن صاحبة وهو شخص غنى غريب الأطوار لم يكن يريد تأجيرة ولكنة كان على استعداد لبيعة!
وكان جيرالد يملك أيرادا لا بأس بة ولكن لم يكن فى أستطاعتة التصرف فى رأس الما ل وكان كل ما يستطيع تدبيرة هو الف جنية فى حين أن صاحب المنزل يطلب ثمنا لة ثلاثة آلاف من الجنيهات!
وهنا تقدمت اليكس لنجدة جيرالد كان المنزل قد استهوها فصممت على الأقامة فية وكانت ثروتها عبارة عن سندات تدفع قيمتها لحاملة ويمكن التصرف فيها بسهولة فقررت الأسهام بنصف ثمن المنزل وهكذاأصبح المنزل ملكا لهما ولم تندم اليكس فى أى لحظة على ابرام هذة الصفقة.
صحيح أن الخدم كانوا يرفضون العمل فى هذا المنزل الريفى البعيد عن العمران ولكن ذلك لم يزعج
اليكس كثيرا أو قليلا لأنها كانت تتوق ألى الحياة العائلية وتجد متعة كبيرة فى طهو الطعام وتدبير شؤون المنزل.أما العمل فى الحديقة الفسيحة المليئة بالزهور فقد كان يقوم بة بستانى عجوز من أهل القرية مرتين فى الأسبوع .
ابتعدت اليكس عن باب المنزل وتوغلت فى الحديقة وأدهشها أن ترى البستانى العجوز يعمل فى حقل الورد.
ذلك لأن البستانى تعود الأشراف على الحديقة فى يومى الأثنين والجمعة من كل أسبوع
وكان ذلك اليوم هو يوم الأربعاء.
سألتة وهى تدنو منة: ماذا تفعل هنا يا جورج
فاعتدل البستانى واقفا وقال وهو يمس طرف قبعتة البالية على سبيل التحية:
- كنت أتوقع أنك ستدهشين يا سيدتى ولكن الأمر أن صاحب المزرعة (سكواير) سيقيم حفلا فى قصرة
يوم الجمعة ولذلك قلت لنفسى أنة لن يضير مستر مارتن أو يضيرك أن أعمل هنا يوم الأربعاء بدلا من يوم الجمعة.
فقالت اليكس:طبعا طبعا وأنى أرجو لك أن تقضى وقتا طيبا فى حفلة صاحب المزرعة!
فقال جورج ببساطة: هذا ما أرجوة يا سيدتى فليس هنا شىء أفضل من أن يأكل الأنسان كفايتة دون ان يدفع ثمن طعامة .ولقد دعا صاحب المزرعة جميع عمالة وأنا منهم لتناول الغذاء على مائدتة ولذلك خطر لى أن أراك قبل رحيلك للتعرف على رغباتك بشأن سور الحديقة خاصة وأنك لا تعرفين متى ستعودين أليس كذلك.
-ولكنى لن أرحل يا جورج
فحملق البستانى نحوها فى دهشة وقال: ألا تعتزمين السفر ألى لندن غدا؟
-كلا من أوحى اليك بهذة الفكرة؟
فحك جورج رأسة فى حيرة وأجاب: أنى قابلت مستر مارتن فى القرية أمس فقال لى انكما ستسافران ألى لندن غدا وأنة لا يعرف متى ستعودان.
فضحكت اليكس وردت: هراء لا بد أنك أسأت الفهم!
ولكنها مع ذلك شعرت بمزيج من الدهشة والحيرة وتساءلت ترى ماذا قال جيرالد للبستانى العجوز
لكى يقع البستانى فى هذا الخطأ العجيب.
تسافر الى لندن؟ أنها لم تفكر قط فى العودة ألى لندن مرة أخرى
قالت بأصرار وبصوت أجش: اننى أكرة لندن!
فقال البستانى فى هدوء: آة لابد أننى أسأت الفهم ولكن يخيل ألى أنة قال ذلك بوضوح ومهما يكن من أمر فأننى سعيد بوجودكما هنا أنا ايضا لا أحب لندن ولا أريد الذهاب اليها أنها مليئة بالسيارات وتلك هى الكارثة
فأن الأنسان لا يكاد يمتلك سيارة حتى يصاب بجنون السفر والترحال فلا يقر لة قرار.
لقد كان مستر أيمز صاحب هذا المنزل رجلا هادئا وديعا ألى أن ابتاع سيارة فلم ينقض شهر واحد حتى عرض المنزل للبيع رغم الأموال الطائلة التى أنفقها فى أصلاحة وتزويدة بالكهرباء .
لقد قلت لة مرة أنك لن تسترد شيئا من النقود التى أنفقتها ولكنة أجاب سوف أسترد كل بنس أنفقتة ولن أبيع المنزل بأقل من ألفى جنية وهذا ما حدث تماما.
فقالت اليكس وهى تبتسم :أنة باعة بثلاثة آلاف من الجنيهات .
فقال جورج: بل بأ لفين هذا هو الثمن الذى كان يطلبة والناس يعلمون ذلك.
-ولكنة باعة بثلاثة آلاف
- أن النساء لا يعرفون الأرقام جيدا وأنا لا أصدق أن مستر أيمز كان من البجاحة بحيث يطلب منك ثلاثة آلاف جنية.
فقالت اليكس:أنة لم يطلب ذلك منى وأنما من زوجى
فقال جورج بأصرار وهو يعود لعملة :كان الثمن ألفى جنية يا سيدتى.
الفصل الثالث
ولم تكلف اليكس نفسها عناء الاسترسال فى مناقشة البستانى ومضت إلى أحد أركان الحديقة حيث قطفت بعض الزهور.
وحيث أستدارت لتعود الى المنزل وقع بصرها على شىء اسود صغير ملقى بين أوراق الشجر فانحنت وألتقطتة وعرفت فية على الفور الدفتر الصغير الذى يسجل فيةزوجها مذكراتة.
فتحتة وتأملت صفحاتة بشىء من الفضول . لقد عرفت عن جيرالد منذ بداية حياتهما الزوجية شدة حرصة على الدقة
والنظام والنظافة فهو يصر دائما على تناول الطعام فى نفس الموعد ويحرص على وضع برنامج يومة بدقة تامة ويحدد أوقات عملة وتنقلاتة بالساعة والدقيقة.
ولم تتمالك اليكس من الأبتسام حين قرأت ما سجلة زوجها فى دفتر مذكراتة بتاريخ 14 مايو
قرأت
الزواج من اليكس بكنيسة سانت بيتر فى الساعة الثانية والنصف)
ابتسمت وقالت لنفسها: يا للأحمق الكبير
ومضت تتصفح اوراق الدفتر ثم توقفت فجأة وهمست
- الأربعاء 18 يونية أى اليوم!
ووجدت تحت هذا التاريخ سطرا واحدا بخط جيرالد الدقيق تضمنت هذة الكلمات:
( الساعة التاسعة مساء)
ولا شىء غير ذلك..
وتسألت اليكس:
ترى ماذا كان فى نية جيرالد أن يفعل فى الساعة التاسعة مساء.
وابتسمت لنفسها وقالت:
- لو أن هذة القصة من القصص التى تقراءها عادة لكشفت لها هذة المذكرات بعض الحقائق المثيرة
ولوجدت فى هذة الصفحة اسم امراءة أخرى.
ومضت تتصفح أوراق الدفتر بقلة اكتراث ووجدت فيها تواريخ مختلفة ومقابلات
وأشارات الى صفقات عمل ولم تقع الا على اسم واحد هو اسمها
ورغم ذلك فأنها أحست بقلق غامض وهى تضع الدفتر فى جيبها وتواصل السير الى المنزل
وتذكرت كلام ديك وندفورد حين قال لها:
(ان هذا الرجل غريب عنك تماما وأنت لا تعرفين شيئا عنة
رنت هذة الكلمات فى أذنها كما لو كان ديك وندفورد يسير بجوارها وينطق بها.
ولقد صدق ديك اذ الواقع انها لا تعرف شيئا عن جيرالد.
ان جيرالد فى الأربعين من عمرة ولا يمكن ان تكون حياتة خلال هذة الأربعين سنة قدخلت من النساء.
وهذ ت اليكس رأسها فى ضجر..
انها لاينبغى أن تسمح لمثل هذة الأفكار بأن تلح عليها فهناك أشياء أخرى أجدرباهتمامها ومنها على سبيل المثال
موضوع ديك وندفورد وهل ينبغى أن تصارح زوجها بأنة تحدث تليفونيا او لا ينبغى.
ان هناك أحتمالا لا يجب أن تسقطة من حسابها هو أن يكون جيرالد قد قابل ديك مصادفة فى القرية..
ولكن أذا حدث ذلك فمن المؤكد ان جيرالد سيخبرها حالما يعود وحينئذ يخرج الأمر من يدها اما أذا لم يحدث
وأحست اليكس برغبة واضحة فى الا تذكر لزوجها شيئا عن ديك وندفورد.
كانت واثقة من أنها اذا فعلت ذلك فأن جيرالد سوف يقترح دعوة ديك لزيارتهما
وسيكون لزاما عليها فى هذة الحالة ان تصارحة بأن ديك قد طلب بنفسة هذة الزيارة
وأنها انتحلت عذرا لمنعة!
ولكن ماذا تقول لة اذا سألها لماذا فعلت ذلك؟ هل تحدثةعن ذلك الحلم
اذا حدثتة عن الحلم فأنة قد يضحك.. وأسوأ من ذلك انة قد يعيب عليها اهتمامها بهذة التفاهات!
وفى النهاية قررت ألا تقول شيئا.. وكان ذلك أول سر تكتمة عن زوجها.. وقد أورثها ذلك احساسا بالضيق والقلق.
الفصل الرابع
عاد جيرالد من القرية قبيل موعد تناول الغذاء وما ان سمعت اليكس وقع أقدامة حتى هرولت الى المطبخ لتخفى ارتباكها.
وقد وضح لها على الأثر ان جيرالد لم يقابل ديك فى القرية
وشعرت بمزيج من الأرتياح والهم فقد اصبح من الضرورى ان تلتزم بالكتمان
وتحرص على الا تفلت منها كلمة تشير الى حديث ديك التليفونى.
ونسيت اليكس كل شىء عن دفتر مذكرات زوجها. فلم تتذكرة الا بعد ان تناولا العشاء وجلسا فى غرفة المعيشة
وفتحا نوافذها ليستقبلا نسمات الليل المعطرة بشذى زهور الحديقة!
قالت لزوجها: هوذا شىء نسيتة فى الحديقة..
وألقت الية بالدفتر فرد
لابد انة سقط منى!
-نعم.. وأنا الأن ااعرف كل اسرارك
فابتسم و قال:ليس فيها ما يديننى!
- هل أنت على موعد فى الساعة التاسعة؟
- على موعد؟ وبهت..
- كان السؤال مباغتا ..ولكنة سرعان ما تمالك نفسة.. وابتسم واجاب:
- نعم.. يا اليكس.. اننى على موعد مع فتاة تشبهك كثيرا.
- فقالت بشىء من الصرامة: لا افهمك ..انك تتهرب من الأجابة.
- كلا ..الواقع اننى سجلت هذا الموعد ليذكرنى ببعض صور يجب ان أقوم بتحميضها
.واريدك أن تساعدينى فى هذة المهمة.
.وكان جيرالد مارتن من هواة التصوير ولدية آلة تصويرقديمة ولكن عدستها جيدة
.وقد تعود ان يقوم بنفسة بتحميض الصور التى يلتقطها. فى غرفة صغيرة
.فى القبو اعدها خصيصا لهذا الغرض!
قالت اليكس تعاتبة:
-وهل يجب تحميض هذة الصور فى الساعة التاسعة تماما.
فأجاب فى شىء من الضيق:
- يافتاتى العزيزة.. ان الأنسان يجب ان يحدد وقتا لكل عمل ولكل مرحلة من مراحل نشاطة
حتى تنتظم أعمالة وحياتة.
فلاذت اليكس بالصمت لحظة وراحت تراقب زوجها وهو يدخن فى هدوء وقد استرخى فى مقعدة
زأسند رأسة الى ظهر االمقعد
وفجأة غمرتها موجة من الذعر لا تعرف مصدرها فصاحت قبل أن تتمكن من السيطرة على مشاعرها.
-أواة يا جيرالد كم أتمنى أن أعرف المزيد عنك.
فتحول اليها بوجة تعلوة الدهشة وقال:
-ولكنك تعرفين كل شىء عنى أيتها العزيزة.. لقد حدثتك عن طفولتى فى (نورثمبرلند) وعن حياتى فى أفريقيا الجنوبية
والسنوات العشر التى قضيتها فى كندا وقد حالفنى فيها النجاح والتوفيق..
قالت بازدراء:
-لا تحدثنى عن أعمالك!
فانفجر جيرالد ضاحكا فجأة وقال:
- فهمت ..أنك تريدننى أن أتحدث عن مغامراتى الغرامية انكن جميعا سواء أيتها النسوة لا يهمكن سوى العامل الشخصى.
فأ حست اليكس بجفاف فى حلقها.. ولم تلبث أن تمتمت قائلة
-ولكن لا بد أن تكون فى حياتك بعض المغامرات العاطفية ليتنى فقط أستطيع أن..
ولم تتم عبارتها
وساد الصمت مرة أخرى!
وقطب جيرالد ما بين حاجبية وقال بعد تردد بصوت فية جدية لم تعهدها زوجتة:
-هل ترين من الحكمة أن أحدثك عن غرامياتى يا أليكس ؟ انى لا أنكر أنى عرفت بعض النساء
لأنى أذا أنكرت فأنك لن تصدقينى ولكنى أستطيع ان أقسم لك وبصدق انى لم أعبأ بأية واحدة منهن ولم تسكن احداهن قلبى!
وكان فى صوتة نبرة صدق واخلاص طمأنت زوجتة وأراحتها.
ونظر اليها جيرالد وسألها وعلى شفتية ابتسامة:
- هل اقتنعت الأن يا اليكس؟
ورمقها فى فضول واستطرد:
-ماذا حملك على التفكير فى هذة الموضوعات غير السارة فى هذة الليلة بالذات؟
فنهضت اليكس واقفة وراحت تذرع أرض الغرفة فى قلق
قالت:لا أعلم لقد كنت متوترة الأعصاب طوال اليوم
فقال بصوت خافت وكأنة يتحدث الى نفسة:
-هذا غريب وغريب جدا
ردت أليكس: ماهو الشىء الغريب؟
لماذا تتحفزين لمواجهتى على هذا النحو يا بنيتى العزيزة؟ أنما أردت ان أقول انسلوكك يبدو غريبا لأنك فى العادة انسانة وديعة متزنة
العقل والتفكير.
فارتسمت على شفتى اليكس انتسامة مغتصبة.
قالت:
لقد خيل الى اليوم أن كل شىء يتأمر لمضايقتى وازعاجى حتى البستانى جورج.. لقد سيطرت علية فكرة مضحكة هى أننا سنرحل الى لندن.. لقد قال لى أنك أنت الذىأنبأتة بذلك.
فسألها بحدة:
-أين قابلتة؟
- انة جاء لمباشرة عملة اليوم بدلا من يوم الجمعة.
فصاح فى غضب
- تبا للعجوز الأحمق!
فنظرت الية فى دهشة وذهول!
كان وجهة متقلصا حنقا وغضبا ولم تذكر اليكس انها رأتة مغضبا على هذا النحو من قبل.
ولاحظ جيرالد دهشتها فحاول السيطرة على مشاعرة
قال:انة عجوز أحمق!
-ولكن ماذا قلت لة لكى يتوهم اننا سنرحل؟
أنا؟ اننى لم أقل لة شيئا..آة.. تذكرت الآن .. أظن أننى قلت لة مازحا اننا قد نذهب الى لندن فى الصباح
ويبدوأنة حمل المزحة على محمل الجد وظن أننا سنرحل الى لندن حقا أو أنةلم يسمعنى جيدا ولا شك أنك أقنعتة بخطئة اليس كذلك؟
وانتظر جوابها بقلق فقالت:
-طبعا..ولكنة رجل عجوز عنيد اذا تملكتة فكرة تعذر اقتلاعها من ذهنة.
ثم حدثتة عن اصرار جورج فى موضوع ثمن المنزل.. واصغى اليها جيرالد فى صمت ثم قال ببطء:
-لقد كان مستر ايمز على أستعداد لأن يتقاضى ألفين من الجنيهات على أن يرهن المنزل ضمانا للألف الباقية..
وأعتقد أن ذلك هو سبب الخطأ الذى وقع فية جورج.
فقالت اليكس موافقة: ربما
ثم نظرت الى الساعة المثبتة على الجدار وقالت وهى تشير اليها:
-اظن أنة ينبغى عليك الأن أن تذهب الى القبو لتحميض الأفلام وفقا للموعد الذى حددتة فالساعة الآن التاسعة وخمس دقائق.
فأجاب فى هدوء:
-لقد غيرت رأيى.. ولن أقوم بتحميض الأفلام الليلة.
الفصل الخامس
لا أحد يعلم كيف تفكر المرأة..أو كيف يعمل عقلها
فقد آوت اليكس الى فراشها فى تلك الليلة وهى تشعر بالراحة والطمأنينة بعد ان تلاشت الخواطر التى أزعجتها وزلزلت سعادتها.
ولكن ما أن أقبل مساء اليوم التالى حتى تضافرت بعض القوى الخفية لتعكير صفوها.
لم يتصل بها ديك وندفورد مرة أخرى ولكنها أحست بتأثيرة من الأفكار التى ألحت عليها.
لقد خيل اليها أكثر من أنها تسمع صوتة وهو يقول:
-هذا الرجل غريب عنك تماما .. وأنت لا تعرفين شيئا عنة!
ومع هذة الكلمات .. برزت الصورة التى ارتسمت فى ذاكرتها لوجة زوجها حين قال:
-هل ترين من الحكمة ان أحدثك عن غرامياتى يا أليكس؟
لماذا قال ذلك؟
لقد كانت كلماتة تنطوى على التحزير.. بل على التهديد تماما كما لو كان قد قال:
-خير لك ألا تتدخلى فى شؤونى الخاصة يا اليكس والا أصبت بصدمة شديدة.
ولم يأت صباح يوم الجمعة حتى كانت اليكس قد أقنعت نفسها بأن جيرالد كانت فى حياتة امراءة أخرى
وأنة يحاول اخفاء هذة الحقيقة عنها.
ولم تلبث غيرتها التى استيقظت ببطء أن تفاقمت بسرعة!
وتسألت اليكس:
-ترى هل كان موعد الساعة التاسعة الذى سجلة فى دفتر مذكراتة هو موعد لقائة مع امرأة؟
وهل كانت حكاية تحميض الأفلام مجرد كذبة من وحى الخاطر تفتق عنها ذهنة للخروج من المأزق؟
منذ ثلاثة أيام فقط كانت على استعدادلأن تقسم بأنها تعرف زوجها ظاهرا وباطنا ولكنها الآن تشعر بأنة غريب عنها تماما
وأنها لا تعرف عنة شيئا!
وتذكرت غضبة على جورج العجوز ذلك الغضب الذى لم يكن لة ما يبررة والذى يتعارض تماما مع
سماحتة العادية ودماثة خلقة
قد يكون الأمر فى ذاتة تافها ولا أهمية لة ولكنة يدل على أنها لا تعرف الرجل الذى تزوجتة معرفة تامة!
وكانت هناك بعض اشياء صغيرة تتطلب ذهابها الى القرية لشرائها فاقترحت على جيرالد أن تنطلق الى القرية خلالالوقت الذى
تعود أن يقضية فى الحديقة.
ولشد ما كانت دهشتها حين رأتة يعارض بقوة ويصر على الذهاب بنفسة الى القرية بينما تبقى هى بالمنزل.
ولم يسعها الا الرضوخ ولكن اصرارة ادهشها وأزعجها وجعلها تتسأل:
-لماذا يحرص على منعها من الذهاب الى القرية؟
وفجأة لمع فى ذهنها الجواب الذى يوضح كل شىء!
ألا يمكن أن يكون جيرالد قد قابل ديك مصادفة فى القرية وكتم الأمر عنها؟
انها حين تزوجت جيرالد لم تكن تغار علية .. ثم استيقظت غيرتها فجأة.. ألا يمكن أن يكون أن يكون
قد حدث لجيرالد نفس الشىء؟
ألا يمكن غرضة هو منعها من مقابلة ديك وندفورد؟
وكان هذا التفسير يتفق مع الحقائق ويقضى فى ذات الوقت على ما أصابها من حيرة وبلبلة
فأخذت بة وأطمأنت الية.
ثم أزف وقت الشاى ومر فانتابها القلق وساورتها الشكوك مرة أخرى
وحاولت آخر الأمر أن تلطف قلقها وتوتر أعصابها بالأنهماك فى العمل فأقنعت نفسها بأن المنزل بحاجة الى التنظيف..
وصعدت الى غرفة زوجها وبيدها منفضة لأزالة الغبار!
وراحت تقول لنفسها المرة تلو الأخرى:
-لو أستطيع فقط أن أتأكد؟
وعبثا حاولت أن تقنع نفسها بأن زوجها لابدأن يكون قد تخلص منذ وقت طويل من آيو ادلة تدينة!
ولكن هذا الرأى كان يقابلة رأى أخر يقول بأن الرجال كثيرا ما يحتفظون لأعتبارات عاطفية بأشياء قد
تدينهم وتوردهم موارد التهلكة.
وأخيرا أستسلمت اليكس للأغراء وشرعت وحمرة الخجل تعلو وجنتيها
فى فتح أدراج زوجها وفحص محتوياتة من الرسائل والوثائق.. بل وفعلت أكثر من ذلك اذ فتحت
دولاب زوجها وراحت تبحث فى جيوب ثيابة.
درجان فقط من ادراج المكتب لم تصل اليهما يدها لسبب بسيط هو أنهما كانا مغلقين..
ولكنها كانت قد ضربت بالخجل والحياء عرض الحائط
كانت واثقة من أنها ستجد فى احد هذين الدرجين دليلا لتلك المرأة الوهمية التى أحبها زوجها فيما مضى
والتى أصبحت تنغص حياتها..
وتذكرت أن جيرالد ترك حزمة مفاتيحة على المدفأة فى الطابق الأرضى فجأت بها..وراحت تجرب
المفاتيح الواحد تلو الأخر ونجحت فى فتح أحد الدرجين واخذت تفحص محتوياتة
وجدت بة دفتر شيكات ومحفظة مليئة بالأوراق المالية..
وفى مؤخرة الدرج وجدت مجموعة من الرسائل محزومة بعناية بخيط من حرير..
وتلاحقت أنفاسها بسرعة وهى تحل الخيط وتبسط الرسائل على المكتب
ولم تلبث أن أحمر وجهها وأعادت حزم الرسائل.. ووضعتها حيث كانت
ذلك أنها كانت رسائلها هى
الرسائل التى بعثت بها لجيرالد قبل زواجهما.
وتحولت الى الدرج الثانى.. لا لأنها كانت تتوقع أن تجد فية شيئا ذات أهمية..
وانما لكى تطمئن الى أنهالم تترك مكانا دون تفتيش!
وشعرت بضيق شديد حين لم تستطيع فتح الدرج بأى من المفاتيح التى تركها جيرالد..
ولكنها لم تكن على استعداد لقبول الهزيمة فانطلقت الى غرف المنزل وعادت بمجموعة من مفاتيح
الدواليب والأدراج والأبواب وتنفست الصعداء حين أدارت مفتاح دولابها الخاص فى قفل الدرج ففتح
ولكنها لم تجد فى الدرج سوى مجموعة من قصاصات الصحف تغير لونها بمرور الزمن..
وتنفست الصعداء
ولكنها لم تجد بأسا من القاء نظرة على مضمون هذة القصاصات القديمة
لتعلم سبب أهتمام جيرالد للأحتفاظ بها.
كانت كلها تقريبا من صحف أمريكية يرجع عهدها الى سبع سنوات مضت
وكلها تتحدث عن محاكمة رجل محتال يدعى تشارلز لومتر..
وفهمت اليكس مما قرأتة أن لومتر أتهم بقتل بعض النساء اللاتى وقعن فى شباكة
وأن جثة احدى النساء وجدت مدفونة فى قبو منزل كان قد استأجرة وأن عددا من النساء اللواتى اقترن بهن
قد اختفين تماما وانقطعت أخبارهن ولم يسمع عنهن شيئا وان عدد ضحاياة من النساء قد بلغ تسع سيدات.
وقد دافع لومتر عن نفسة بمهارة واستعان بأبرع العقليات القانونية فى الولايات المتحدة الأمريكية
ولو قد حوكم فى انجلترا لأطلق سراحة لعدم كفاية الأدلة ولكن هيئة المحلفين فى المحكمة الأمريكية
وجدتة غير مذنب فى جريمة القتل وأدانتة فى تهم أخرى منهاالأحتيال وتعدد الزوجات
وقضت المحكمة بسجنة عدة سنوات.
وتذكرت اليكس أهتمام الرأى العام بهذة القضية والضجة التى أثارها فرار لومتر من السجن بعد ثلاث سنوات.
ولم يقبض على هذا المجرم بعد ذلك أبدا
غير أن شخصيتة الغريبة.. وتأثيرة العجيب على النساء كانا موضوع مناقشات مطولة فى الصحف الأنجليزية فى ذلك العهد
كذلك تحدثت الصحف باسهاب عن براعتة فى الدفاع عن نفسة..وعن سقوطة فاقد الوعى فى قفص الأتهام
أكثر من مرة بسبب اصابتة بضعف فى القلب وان كان البعض قد فسر نوبات الأغماء بأنها دليل على قدرات
المتهم وبراعتة فى التمثيل.
ووجدت اليكس صورة للمتهم فى احدى القصاصات فأمعنت النظر فيها بشىء من الفضول.
كانت صورة رجل طويل اللحية ..يخيل للناظر الية أنة أحد العلماء أو أساتذة الجامعات.
وذكرتها الصورة بوجة تعرفة
وفجأة أدركت أن الصورة تذكرها بوجة جيرالد..نفس العينين ونفس الجبين!
لعل ذلك هو سبب احتفاظ جيرالد بالقصاصات.
ووقعت عيناهاعلى العبارة التى كانت تحت الصورة..وفهمت منها أن المتهم كان يسجل فى دفتر مذكراتة تواريخ فتكة
بضحاياة من النساء وأن احدى النساء شهدت ضدة وتعرفت علية وهو فى قفص الأتهام
من ندبة فى رسغ يدة اليسرى
وهنا ترنحت اليكس وسقطت القصاصات من يدها
لقد كانت هناك ندبة فى رسغ يد جيرالد اليسرى.
الفصل السادس
دارت الدنيا حولها..
وقد أدهشها فيما بعد انها ربطت بمثل هذة السرعة والثقة بين جيرالد وتشارلز لومتر
لقد شعرت فى قرارة نفسها بأنهما شخص واحد وسلمت بهذة الحقيقة بأسرع من رد الطرف ودون تردد.
وبدأت بعض الملامح الصغيرة المتفرقة تطوف بذهنها ثم تتجمع لتشكل حقيقة كبرى واضحة المعالم.
ان النقود التى دفعها ثمنا للمنزل هى نقودها وحدها وهو لم يسهم من مالة فى ثمن المنزل بقليل أو كثير.
بل أن الحلم الذى ألح عليها ثلاث مرات قد وضح الآن مغزاة الحقيقى!
لقدكانت فى قرارة نفسها وبعقلها الباطن ترهب جيرالد مارتن وتريد الفرار منة.
وكان ديك وندفورد فى عقلها الباطن أيضا هو الشخص الذى تريد أن تفزع الية فى طلب النجدة والغوث.
هذا الحلم كان أيضا من العوامل التى جعلتها تتبين الحقيقة وتصدقها بغير تردد.
والحقيقة .. هى أن جيرالد مارتن وتشارلز لومتر شخص واحد وأنها ستكون الضحية التالية لهذا السفاح
فى موعد لعلة أقرب مما تتصور.
نعم أنها ستكون الضحية العاشرة ما فى ذلك شك..
وأفلتت من فمها صيحة ذعر حين تذكرت الموعد الذى سجلة جيرالد فى دفتر مذكراتة..
(الأربعاء.. التاسعة مساء)
والقبو حيث توجد غرفة التصوير.. لقد سبق لة ان فتك بأحدى ضحاياة ودفنها فى قبو منزلة
لابد اذا أنةكان ينوى الفتك بها الساعة التاسعة من مساء اليوم الماضى..
ولكن.. كيف وجد الجرأة على تسجيل موعد ارتكاب الجريمة بخط يدة فى دفتر مذكراتة؟
انة نوع من الجنون مافى ذلك شك..
ولكن لا ذلك كان اجراء منطقيا.. فلقد كان يحرص على تسجيل مواعيد عملة بدقة متناهية
وكان القتل بالنسبة الية عملا لا يختلف عن غيرة من الأعمال
ولكن لماذا لم يفتك بها فى ذلك الموعد؟
ومن أنقذها ؟
هل تردد فىأخر لحظة!
وجاءها الجواب فى لمحة خاطفة
ان من أنقذها هو جورج العجوز..وهنا فقط أدركت سر غضب زوجها وسخطة على ذلك البستانى الشيخ..
لا شك أنة مهد السبيل لجريمتة بأن أخبر كل من قابلة بأنهما يعتزمان السفر الى لندن فى اليوم التالى..
ثم جاء جورج لمباشرة عملة على غير انتظار .. وحدثها عن موضوع السفر الى لندن فنفتة..
وخشى زوجها أن يردد البستانى العجوز الحديث الذى دار بينة وبينها ..
فأحجم عن قتلها تلك الليلة..
ومرت بجسدها رعدة حين اكتشفت أنها نجت من الموت بأعجوبة!
اذ لولا أنها ذكرت لزوجها عرضا ذلك الحديث العابر الذى دار بينها وبين البستانى ..
لما تردد زوجها فى الفتك بها فى المعد الذى حددة.
والآن عليها أن تتحركان الوقت ضيق ولا ينبغى أن تضيع دقيقة واحدة
يجب أن تغادر المنزل فى الحال قبل أن يعود جيرالد!
أعادت القصاصات الى مكانها وأغلقت الدرج ثم وقفت جامدة فى مكانها كأنما سمرت قدماها بالأرض..
ذلك أنها سمعت صرير باب الحديقة.. فعلمت أن زوجها قد عاد..
وشل الرعب حركتها لحظة.. ثم تسللت الى النافذة وأطلت من وراء الستار..
نعم لقد رجع زوجها !
كان يجتاز الحديقة وهو يبتسم ويترنم بإحدى الأغنيات
وكان يحمل فى يدة شيئا جعل قلبها يغوص بين جنبيها.. ذلك الشىء كان جاروفا مما يستخدم فى حفر الأرض..
وأدركت بغريزتها أنة يعتزم قتلها فى تلك الليلة.
ووجدت أنة لا تزال أمامها فرصة للفرار!
وكان جيرالد قد واصل سيرة وهو لا يزال يترنم واتجة نحو الجدار الخلفى للمنزل
ولم تتردد اليكس.. وهبطت درج السلم وثبا وأندفعت نحو الباب..
ولكنها ما كادت تخرج من المنزل حتى رأت جيرالد مقبلا نحوها
رآها وهتف قائلا
-هالو! لماذا تركضين والى أين تسرعين هكذا؟
فحاولت أن تتظاهر بالهدوء وأن تبدو طبيعية..
لقد أفلتت الفرصة من يدها هذة المرة ولكنها اذا استطاعت ألا تثير ريبتة فسوف تسنح لها فرصة أخرى!
بل لعل الفرصة سانحة الأن؟
قالت بصوت رن فى أذنيها ضعيفا متخاذلا
-كنت أريد أن أمشى إلى نهاية الطريق ثم أعود
فقال جيرالد: حسنا . سأرافقك!
فردت بانفعال: كلا يا جيرالد..أرجوك.. اننى متوترة الأعصاب وأشعر بصداع وأفضل أن أمشى بمفردى.
فقال وهو يتأملها بعينية: ماذا دهاك يا اليكس ؟ انك شاحبةالوجة وترتجفين!
فأجابت وهى تحاول أن تبتسم
-ليس بى من شىء.. اننى أشعر بصداع هذا كل ما فى الأمر ولكنى أرجو أن يفيدنى السير فى الهواء الطلق!
فقال وهو يضحك:
-لا تحاولى أن تثنينى عن مرافقتك لأنى سأرافقك سواء أردت أو لم تريدى.
ترى هل ساورة الشك فى أنها عرفت حقيقتة ؟
وبذلت قصارى حهدها لكى تبدو فى حالتها الطبيعية ولكنها شعرت بأنة ينظر إليها
من ركن عينية بين الفينة والفينة وأدركت أنها لم تنجح تماما فى إزالة شكوكة.
وحينما عادا الى المنزل طلب إليها بإلحاح وإصرار أن تتمدد فى فراشها التماسا للراحة
وأحضر زجاجة كولونيا ومسح صدغيها وجبينها كما يفعل الزوج المخلص..
وأحست اليكس بأنها موثقة اليدين والقدمين فى مصيدة ولا حول لها ولا قوة
ولم يتركها جيرالد بمفردها لحظة واحدة ورافقها إلى المطبخ لمعاونتها فى إعداد وجبة العشاء
وكان أسوأ عشاء تناولتة طوال حياتها.. كانت تشعر بأن الطعام يخنقها ويحبس أنفاسها
ولكنها أرغمت نفسها على ابتلاعه بل وحاولت أن تبدو مرحة وطبيعية.
كانت تعلم عن يقين بأنها تناضل من أجل الحياة..فهى وحدها مع هذا الرجل..فى ذلك المنزل الموحش..
بمنأى عن كل عون أو نجدة كانت تحت رحمتة تماما وكل أملها أن تزيل شكوكة حتى يطمئن اليها ولو لفترة قصيرة
ريثما تصل الى التليفون فى الردهة وتطلب النجدة.
ذلك كان أملها الوحيد الآن.
وتبلج لها شعاع من الرجاء حين تذكرت كيف تخلى زوجها عن خطتة وعدل عن ارتكاب جريمتة يوم الأربعاء.
هب أنها زعمت لة أن ديك وندفورد قد اتصل بها تليفونيا وأنة الآن فى طريقة لزيارتهما
وهمت أن تتكلم ولكن الكلمات اضطربت على شفتيها ولم تلبث أن عدلت عن هذة الفكرة.
ان هذا الرجل لن يسمح لأية عقبة بأن تحول بينة وبين خطتة مرة أخرى
أنة يخفى تحت هدوءة الظاهرى عزيمة صلبة كالفولاذ فإذا قالت لة أن ديك فى طريقة إليهما
فان ذلك قد يدفعة إلى التعجيل بارتكاب جريمتة
انة قد يقتلها على الفور ثم يتصل بديك تليفونيا ويطلب إلية فى هدوء أن يرجى زيارتة لأنهما
دعيا فجأة لزيارة بعض الأصدقاء.
يا ألهى لو كان ديك وندفورد فى طريقة إليهما الآن حقا
لو كان ديك
وومض فى ذهنها خاطر فجائى .. ونظرت الى زوجها خلسة
كأنما لترى ما اذا كان يقرأ ما يدور بخلدها.
وما أن نضجت الفكرة فى ذهنها حتى عادت اليها شجاعتها ورباطة جأشها ..
وأحست بطمأنينة وثبات أدهشاها هى نفسها ..
فنهضت من مقعدها وأعدت القهوة وحملتها الى الشرفة حيث تعودا قضاء أمسياتهما!
وفجأة قال جيرالد:
- أود أن اذكرك بأننا سنقوم بتحميض الأفلام الليلة.
فمرت بجسدها رعدة شديدة ولكنها أجابت بقلة اكتراث:
- ألا يمكنك تحميضها وحدك؟ اننى متعبة اليوم.
فابتسم وأجاب:
-ان العملية لن تستغرق وقتا طويلا.. وأعدك بأنك سوف لا تشعرين بالتعب بعدها.
ويبدو أن العبارة راقت لة لما تنطوى علية من معنى خفى اذ ازدادت ابتسامته اتساعا
بينما زمت اليكس شفتيها لتمنع نفسها من الصراخ..
ولكنها أدركت ان الوقت قد حان لتنفيذ فكرتها.
فنهضت واقفة وقالت اكتراث:
- سأتصل تليفونيا بالجزار فابق حيث أنت.. لا ضرورة لأن تبرح مكانك.
فهتف قائلا: الجزار ؟ فى هذا الوقت من الليل؟
- إن حانوتة مغلق طبعا أيها الأبلة ولكنى سأتصل بة فى منزلة ان غدا يوم السبت
وأنا اريدة أن يحجز لى قطعة من لحم العجول للشواء قبل أن يتخاطف الزبائن أجود القطع..
انة رجل لطيف ومستعد لتلبية كل مطالبى.
الفصل السابع
وهرولت اليكس الى داخل المنزل وأغلقت الباب خلفها..
وسمعت جيرالد يقول :
-لا تغلقى الباب..
واسعفها ذهنها بالجواب المناسب..
قالت بسرعة: أخشى أن يغزو البعوض المنزل وأنا امقت البعوض..هل تتوهم اننى سأغازل الجزار أيها الأبلة؟
وما أن وصلت الى الردهة حتى اختطفت سماعة التليفون وطلبت رقم فندق (السائح)
تم الأتصال بينها وبين الفندق على الفور فسألت:
ألايزال مستر ديك وندفورد بالفندق؟ هل أستطيع التحدث الية؟
ثم وثب قلبها بين ضلوعها.. فقد دفع زوجها الباب ودخل..
قالت فى دلال:
- اذهب يا جيرالد..أرجوك.. اننى لا أحب ان ينصت الى أحد وأنا أتحدث بالتليفون!
فضحك وقال وهو يلقى بنفسة على أحد المقاعد :
-أهو اجزار من تتحدثين الية حقا ؟
فأسقطفى يدها وتملكها اليأس..
لقد فشلت خطتها مرة أخرى..
بعد قليل سيتناول ديك السماعة ويتحدث اليها فهل تجازف بكل شىء وتصرخ وتطلب النجدة؟
وأنها فى أشد حلات اليأس اذ بها ترى الزر الصغير المثبت بالسماعة الذى يسمح لصوتها أو لا يسمح
لة بالوصول الى الطرف الأخر..
وأوحىاليها هذا الزر بخطة جديدة..
قالت لنفسها:
-انها خطة صعبة التنفيذ .. لأنها تتطلب اليقظة وحضور الذهن وحسن اختيار الكلمات المناسبة
مع الجرأة وعدم التردد ولكنى أعتقد أننى أستطيع تنفيذها بل يجب أن أنفذها..
وسمعت صوت ديك وندفورد فى الطرف الأخر..
فضغطت الزر قائلة:
-مسز اليكس مارتن تتكلم من منزل البلابل..احضر..
ثم رفعت اصبعها عن الزر فانقطع الأتصال التليفونى
ولكنها مضت تقول:
-غدا صباحا رطلين من لحم العجول.
وضغطت الزر ليحدث الاتصال التليفونى.. واستطردت قائلة:
إن الأمرهام جدا
ورفعت اصبعها عن الزر ومضت تقول:
-شكرا لك يا مستر هاثواى ومعذرة لأزعاجك فى مثل هذا الوقت من الليل ولكنها..
وضغطت الزر واستطردت قائلة:
- مسألة حياة أو موت..
ثم رفعت اصبعها عن الزر قائلة:
- حسنا .. غدا صباحا..
وضغطت الزر وقالت:
- بأسرع ما يمكن
ثم وضعت السماعة واستدارت نحو زوجها وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة..
قال لها: أبهذا الأسلوب تتحدثين إلى الجزار ؟
فردت وهى تصطنع المرح:
-انه أسلوب النساء أيها العزيز..
كانت وجنتاها موردتين من فرط الانفعال ..
أن جيرالد لم يلاحظ شيئا.. أما ديك سواء فهم أو لم يفهم ..فأنة سيأتى حتما.
وانتقلت الى غرفة المعيشة وأضاءت المصباح.
قال جيرالد وهو ينظر اليها بفضول ودهشة:
-أراك ممتلئة نشاطا وحيوية؟
فأجابت:
-لا غرابة فى ذلك فقد زال الصداع!
وجلست فى مقعدها المألوف.. وابتسمت لزوجها وهو يتهالك فى المقعد المقابل.
لقد نجحت!
الساعة الأن الثامنة و25 دقيقة ومن المحقق أن ديك سيحضر قبل أن تدق الساعة التاسعة
قال جيرالد شاكيا:
- لم تعجبنى القهوة التى أحتسيتها الآن كانت مرة المذاق.
فردت:
-لقد صنعتها من نوع جديد من البن على سبيل التجربة وما دامت لم تعجبك فلن أبتاع هذا النوع مرة أخرى.
قالت ذلك وتناولت قطعة من القماش وأخذت تطرزها بينما شرع جيرالد فى قراءة أحد الكتب.
ولكنة ما لبث أن نظر إلى الساعة وطرح الكتاب بقربة وتمتم:
- الساعة الآن الثامنة والنصف..وقد آن لنا أن نذهب إلى القبو لتحميض الأفلام
فسقطت قطعة القماش من يد اليكس ..
وردت بأضطراب:
-لا يزال الوقت مبكرا فلننتظر حتى الساعة التاسعة
- كلا يا فتاتى.. أنني حددت الساعة الثامنة والنصف موعدا للعمل.. حتى يتسنى لك أن تأوى الى فراشك فى ساعة مبكرة.
ولكنى افضل الانتظار حتى الساعة التاسعة.
-أنت تعلمين اننى ألتزم دائما بالموعد الذى أحددة هلمى بنا يا اليكس انى لن أنتظر دقيقة أخرى.
فنظرت إلية.. وشعرت على الرغم منها بموجة من الذعر تغشى جسدها!
لقد سقط القناع أخيرا.
رأت يدية ترتجفان وعينية تتألقان ولاحظت أنة لا يكف عن ترطيب شفتية الجافتين بلسانة!
لقد تملكتة شهوة القتل ولم يعد يهتم بإخفاء انفعاله ولهفته
وتمتمت اليكس لنفسها :
- نعم انه لا يستطيع الانتظار أنة كالمجنون!
ومشى أليها وألقى بيدة على كتفها وأنهضها عنوة وهو يقول:
- هلمى يا فتاتى وألا حملتك إلى القبو.
قال ذلك بهدوء ولكن بصوت ينطوى على وحشية روعتها
وبحركة فجائية اودعتها كل ما تملك من قوة تخلصت من قبضتة وتراجعت حتى التصقت بالجدار.
كانت بلا حول ولا قوة وليس فى استطاعتها الفرار.. بل ليس فى مقدورها أن تفعل شيئا على الأطلاق وها هو يقترب منها.
قال: هلمى يا اليكس
فصرخت: كلا.. كلا!
وبسطت يديها كأنما لتدفعة عنها وصاحت:
- قف يا جيرالد.. أريد أن أقول لك شيئا.. أريد أن اعترف لك.
فتوقف وقال بفضول:
- تعترفين؟
كانت كلمة الأعتراف هى أول كلمة تبادرت ألى ذهنها فنطقت بها دون أن تعى..
ثم أرادت أن تثير اهتمامة وتصرفة عما عزم علية فمضت تقول فى يأس:
- نعم أريد أن أعترف لك
فنظر إليها بأذدراء وسأل:
-بعلاقة بينك وبين عاشق آخر فيما أظن؟
- كلا .. أريد أن أعترف لك بشىء آخر.. يمكنك ان تسمية جريمة
ولاحظت على الفور انها مست وترا حساسا وأنها استطاعت أن تثير أهتمامة..
وأشعرها ذلك بالطمأنينة .. وبأنة لا يزال فى مقدورها أن تسيطر على الموقف.
قالت فى هدوء:
-يحسن بك أن تجلس ..
ومضت الى مقعدها فجلست علية وأكثر من ذلك أنها انحنت وتناولت قطعة القماش التى كانت تطرزها.
كانت تتظاهر بالهدوء والثبات ولكن عقلها كان يعمل بسرعة..
لتلفيق قصة خليقة بأن تثير فضولة واهتمامة الى أن تأتى النجدة.
وبدأت تتحدث ببطء وقالت
- لقد قلت لك مرة أننى عملت كاتبة اختزال طوال خمسة عشر عاما ولكن تلك لم تكن الحقيقة..
الحقيقة هى اننى انقطعت عن العمل مرتين.. الأولى وأنا فى الثانية والعشرين من عمرى حين
التقيت برجل متقدم فى السن .. يملك ثروة صغيرة فأحبنى وطلب الأقتران بى فوافقت وتزوجنا !
وتريثت قليلا ثم استطردت قائلة:
-وبعد الزواج اقنعتة بالتأمين على حياتة لمصلحتى.
ورأت دلائل الاهتمام على وجة زوجها فمضت فى حديثها بمزيد من الثقة والاطمئنان قالت:
- وحدث خلال الحرب اننى عملت بعض الوقت فى صيدلية أحد المستشفيات العسكرية00
وعرفت الكثير عن العقاقير النادرة والسموم.
وصمتت ونظرت الية
كان اهتمامة المفرط واضحا فى عينية.. ولا عجب فأن المجرم يهتم دائما بأنباء الجرائم
وهى قد قامرت على هذة الحقيقة ونجحت..ونظرت خلسة إلى عقربى الساعة.
كانت الساعة قد بلغت الثامنة و35 دقيقة
قالت:
-كان يوجد نوع من السموم على شكل مسحوق أبيض تكفى كمية قليلة جدا منة لقتل من يتناولها..
أنت تعرف شيئا عن السموم البس كذلك؟
ألقت هذا السؤال على سبيل الاختبار حتى اذا كان الجواب بالإيجاب توخت الحذر فى قصتها
ولكنة أجاب :
- كلا اننى لا أعرف عنها إلا القليل.
فتنهدت بأرتياح وردت:
- لا شك أنك سمعت عن عقار الهيوكسين ؟ ان مفعول ذلك السم لا يختلف عن مفعول الهيوكسين مع فارق واحد
هو أنة لا يترك اثرا وأى طبيب يفحص جثة من يموت بة لا يسعة الا أن يقرر أن الوفاة طبيعية
نتيجة هبوط فى القلب.
وذات يوم سرقت كمية صغيرة من السم واحتفظت بها
وصمتت لتستجمع أفكارها فقال جيرالد:
- استمرى
-كلا اننى خائفة سأروى لك القصة فى وقت آخر.
فصاح وقد نفذ صبرة:
بل الأن اريد أن أسمعها الآن
- كان قد مضى على زواجنا شهر واحد وكنت أعامل زوجى العجوز بكل رقة ولطف فراح يمتدحنى ويطرى
صفاتى ويتحدث عن اخلاصى الى الأصدقاء والجيران حتى أستقر فى ذهن الجميع اننى زوجة وفية تحب
زوجها وتتفانى فى خدمتة وارضائة.
وكنت أعد لة القهوة بنفسى كل مساء!
وذات ليلة كنا وحدنا أعددت لة القهوة كالمعتاد ووضعت كمية من ذلك السم فى قدحة
قالت ذلك وتريثت .. وتشاغلت بوضع الخيط فى الإبرة فى هدوء!
لم يكن قد سبق لها أن مثلت دورا ولكنها كانت فى تلك اللحظة
تضارع أعظم ممثلة وقفت على خشبة المسرح.
كانت فعلا تعيش دور القاتلة ذات الضمير الميت والقلب الآسم !
الفصل الثامن
وطال صمتها واحست بعينى زوجها تتأملانها فى فضول .قالت
وجلست أرقبة ومضى كل شىء فى هدوء شهق شهقة قصيرة واحدة وبدا كأنة يبحث عن الهواء
ففتحت النافذة وسمعتة بعد ذلك يقول أنة لا يستطيع مغادرة مقعدة
ثم أسلم الروح.
وكفت عن الكلام وابتسمت
وكانت الساعة قد بلغت التاسعة الا الربع لا شك أن ديك سيصل خلال دقائق
قال جيرالد: وكم كان مبلغ التأمين ؟
- نحو الفين من الجنبهات وقد ضاربت بة وخسرتة وعدت الى عملى القديم فى المكتب
ولكن لم يكن فى نيتى البقاء طويلا
وبعد بضعة شهور قابلت رجلا آخر أوفرشبابا وأكثر مالا من الزوج الأول
وكان على جانب كبير من الوسامة
فعقدنا قراننا فى هدوء فى مدينة (ساسيكس) وحاولت اقناعة بالتأمين على حياتة فلم يوافق
ولكنة كتب وصية لمصلحتى وكان يحب القهوة التى أعدها لة بنفسى تماما كزوجى الأول.
وابتسمت واضافت قائلة ببساطة:
اننى أصنع قهوة جيدة
وعادت الى قصتها قائلة :
- وكان لى بعض أصدقاء فى القرية التى أقمنا بها فاسفوا لى أشد الأسف حين علموا ان زوجى مات فجأة بهبوط القلب فى احدى الأمسيات
عقب تناول العشاء ولم أشعر بالأرتياح الى الطبيب الذى فحص الجثة
ليس لأنة ارتاب فى وانما لأنة دهش دهشة بالغة لوفاة زوجى فجأة على هذا النحو.
ولا أدرى لماذا عدت بعد ذلك مرة أخرى الى عملى فى المكتب
وأعتقد انى فعلت ذلك بحكم العادة المهم أن زوجى الثانى ترك لى حوالى أربعة آلاف من الجنيهات..
فلم أضارب بها هذة المرة وانما استثمرتها
وها أنت ترى
ولكنها لم تتم عبارتها فقد رأت وجة جيرالد مارتن يحتقن بغتة
وفوجئت بة يشير نحوها بأصبع الأتهام ويصيح بصوت مختنق:
- القهوة .. يا ألهى القهوة لقد فهمت الأن لماذا كانت القهوة مرة كالعلقم..
أيتها التعسة انك عدت الى لعبتك القديمة ووضعت لى السم فى القهوة!
وأمسك بحافة مقعدة وتحفز للوثوب عليها..
وصاح مرة أخرى:
- انك وضعت لى السم فى القهوة..
فوثبت اليكس من مقعدها وتراجعت حتى التصقت بالجدار بجوار المدفأة
كانت ترتجف ذعرا وهلعا وفتحت فمها لتنفى التهمة عن نفسها ثم تريثت..
انة يتحفز للوثوب وسينقض عليها بعد لحظة
استجمعت كل قواها وقالت وعيناها لا تتحول عن عينية:
- نعم اننى دسست السم فى قهوتك والسم يسرى الآن فى شرايينك
انك لا تستطيع الحراك من مقعدك ...لا تستطيع الحراك من مقعدك
آة ليتها فقط تستطيع أن تبقية حيث هو بضع دقائق أخرى
ولكن ما هذا ؟
انها تسمع وقع أقدام فى الخارج وصرير باب يفتح
قالت مرة أخرى
- انك لا تستطيع الحراك من مقعدك ..لا تستطيع الحراك من مقعدك
ومرت بجوارة وركضت الى الخارج لتسقط فاقدة الوعى بين ذراعى ديك وندفورد..
وصاح الشاب فى ذهول :
- يا ألهى ماذا حدث يا اليكس..
ثم التفت إلى الرجل الذى اقبل معة والذى كان يرتدى ثياب الشرطة وقال لة:
- ادخل المنزل وانظر ماذا يحدث.
وحمل اليكس ومددها على أريكة فى الشرفة وانحنى فوقها وهو يتمتم قائلا:
- يا فتاتى العزيزة ماذا فعلوا بك أيتها المسكينة !
فخفقت . أهدابها وتحركت شفتاها وهتفتا باسمة.
وعاد الشرطي