كلام من القلب الدعاء

كلام من القلب

الدعاء


الأستاذ عمرو خالد


دار إقرأ
سوريا دمشق



هذه السلسلة ليست كلمات تكتب لتحشر في العقول لكنها نتاج حواري نابض بين الداعية الإسلامي الأستاذ عمرو خالد وعدد من الشباب في حديث مفتوح أصدق تعبير عنه أنه
" حوارمن القلب"
أردنا أن ننقلها إليكم حية نابضة. حاولنا جاهدين أن نحافظ على أن تكون سهلة بسيطة قريبة من كلمات أصحابها بلا تكلف أو تقصير.
وبالله لا تنسونا من صالح دعائكم.

في هذه الرسالة

كلنا فقراء الى الله عز وجل.
الدعاء في حياة هؤلاء "وجدي العربي".
حكايتهم بألسنتهم.
حوار مع شاب.
أسباب عدم استجابة الدعاء.
أربعة شروط لاستجابة الدعاء.
يا جماعة ادعو بما في قلوبكم.

لإهداء

الى كل من أراد شيئا وتمنّاه..
لكن الأبواب سدت أمامه.. وتخلى الناس عنه
وعجزت إرادته عن تحقيقه وظل وحيدا.. بعيدا
يضيق صدره.. وينغلق.. وتفيض عيناه
لكنه لا يناله..
إليك بابا لا يغلق أبدا..
وصاحبه كريم.. غنيّ.. حتى أنه يغضب عمن لا يسأله.

حديثنا .. عن عبادة من العبادات لكن قبل أن نتكلم حول هذه العبادة لا بد أن أصارحكم بما أشعر..

فالحقيقة أننا جميعا نعاني أحيانا من المشاكل وكلنا يحتاج لربنا.. كلنا فقراء لربنا ولا أحد منا إلا وعنده أمنية يريد أن تتحقق.. ولا أحد فينا إلا ووعمل معصية وغلطة يتمنى أن يغفرها الله له وكلنا بلا استثناء له طلب من الله.. وهذا ما نطلق عليه الدعاء..

يقول الله تبارك وتعالى:{ يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله والله هو الغنيّ الحميد}[ فاطر:15].. فقر مطلق.. فقر في كل شيء .. فاللفظ لا يستثني منه أحد.. الغني الفقير، والفقير فقير، الحاكم فقير، والمحكوم فقير، السيد فقير والمخدوم فقير،
كلنا فقراء الى الله عز وجل وهو الغني الوحيد ... لذا نحن محتاجون لربنا..

وعندما يقول الله تبارك وتعالى:{ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [ غافر: 60].. فأريدك أن تفكر معي في هذا المعنى.. ربنا يقول لك أنك بمجرد دعائه سوف يستجيب!! هل تصدق كلام ربنا أم لا؟ الله يقولها بوضوح.. والأعجب من هذا أن يأتي رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له:{ يا رسول الله أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه في هدوء؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل قول الله تبارك وتعالى:{ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان * فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [ البقرة: 186].

فالموقف لم يكن يحتاج لواسطة من النبي صلى الله عليه وسلم لم يق لله يا محمد إني قريب لكنه على الفور أخبر إني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، ويعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لنا:" من لم يسأل الله يغضب عليه" الترمذي عن أبي هريرة.

من لم يتعود سؤال الله يغضب عليه فالأصل فيك يا مسلم أن يديك دائما مرفوعتان لربك تسأله.
ويعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لنا:" الدعاء هو العبادة" الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه عن النعمان بن بشير.

ويعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم أيضا حديث جميل أتمنى أن يفكر فيه كل واحد منا لنه قادر على خلق طاقة عظيمة داخل كل منا أن يدعو كل منا ربه.. يقول لنا الرسول صلى الله عليه وسلم:" إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع العبد اليه يديه أن يردهما صفر خائبتين" الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن أنس.. وتأمل اختيار النبي لاسم "حيي كريم" حيي أي شديد الحياء..حياء يليق بجلاله "وكريم" فهو يعطيك دون أن تسأله.. إن الله حيي كريم ترفع يديك ايه وهو لا يردهما خائبتين أبدا.. هل اشتاقت قلوبكم للدعاء؟

وعدوني أسأل سؤالا حول الحديث الذي يقول:"الدعاء هو العبادة" إذا كان الدعاء هو العبادة فماذا عن الصلاة ولم خص النبي الدعاء وقصر العبادة عليه؟

رأي الشباب

• أعتقد أن الصلاة مختلفة لأننا حين نصلي نقرأ الفاتحة ونقرأ سور اخرى محددة لكن الدعاء يعتبر العبادة الوحيدة التي أحادث الله فيها مباشرة وأقول كل ما في نفسي وكل ما في قلبي وهذا هو المقصود بالعبادة.

• أما أنا فلا أعتقد أن الدعاء عبادة لأنني حين أطلب من أحد شيئا فإن هذا اعترافا مني بأنه يملك الأمور كلها ويتصرف فيها كيف يشاء يعطي ويمنح كما يحب وهذه هي ذروة العبادة أن نعترف بفضل الخالق.

• أرى أن الإنسان حين يدعو ويقول يا رب أنا ذليل لك.. ليس لي أحد غيرك فهذا دليل أنه عبد فقير لله ـ أنا في رأيي أن العلاقة بربنا ليست علاقة فرض نؤديه أن نصوم ونصلي ونحج فحسب لكنها بالأساس علاقة حب ان نتقرب من ربنا أولا من خلال حبي له ودعائي له.. وبعد ذلك ما دمت أحببته فأكيد سأودي فروضه بدعائي وتقربي.

** مع موافقتي على كثير من الكلام الذي قيل اسمحوا لي أن ألخص ما سبق.. العبادة جاءت أصلا من "عبد" يعني أي أنني عبد لسيد.. وأول ما نذكر كلمة عبد ما الذي يمكن أن يخطر في بالك؟ ذل.. خضوع.. لجوء.. احتياج..

إذن كلمة عبادة معناها أصلا الخضوع فيمكن لإنسان أن يصلي ولا يحس بالخضوع ليس لعيب في الصلاة ولكن لأنه لم يركز.. ويمكن أن تزكي ولا تحس بمعنى الخضوع.. ويمكن أن تؤدي عبادات كثيرة ولا تحس بمعنى الخضوع.. فأنت حين ترفع يديك وتقول له يا رب محتاج لك لا أحد يخلصني من هذا الأمر إلا أنت.. لا يمكن أبدا أن تفعل ذلك وأنت لا تستشعر العبودية لذا فقمة العبودية أن تدعو الله لأنك تكون قد اقتربت من ربنا جدا وعرفت أنه هو ربك القوي القادر وأنت عبده الضعيف العاجز الذي تحتاج .. لذا لا بد وأنت تدعو أن تفهم أنك لا تدعو ليستجيب الله لك فقط، ولكنك تدعو أيضا حتى تتعلم الخضوع.. تتعلم العبودية.. حتى تقترب من ربنا أكثر وأكثر..

الدعاء في حياة هؤلاء

وجدي العربي..
السؤال الذي نسأله للأستاذ وجدي هو: ما أثر الدعاء في حياتك؟ وأين هذه العبادة في حياتك؟

• الحقيقة تابعت ما قاله الشباب الموجودون معنا عن معنى الدعاء وكيف أنه العبادة وجاء لي خاطر أن الإنسان حين يدعو فأكيد يكون في خشوع وذلة.. ذلة لمن؟ لقوة ما.. هذه القوة هو الله عز وجل.. وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك لنا شيئا في هذا الموضوع إلا وفعله بمعنى أن أن كل حياتنا دعاء.. كل عبادتنا دعاء.. يعني الدعاء في الاستيقاظ من النوم، الدعاء في النوم، وقبل النوم، الدعاء في الخروج من البيت، الدعاء في دخول البيت، الدعاء في الدخول الى الخلاء، الدعاء في الخروج من الخلاء، دعاء معاشرة الزوجة، دعاء الثوب الجديد، وأنا شخصيا لي تجارب عدة في الدعاء فالطبيعي عندي حينما تمر بي أي أزمة أو مشكلة أن أتصل بأمي وأقول لها أنت مقصرة معي هذه الأيام؟ فتقول والله أبدا أنت معي دوما في دعائي في الفجر.. وكذلك لو احتجت بعض المال مثلا ألجأ فورا الى الحل: سورة الواقعة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فيها:" أنها لو قرئت في بيت.. فإن هذا البيت لا تصيبه فاقة أبدا" روى معناه البيهقي وأبو يعلى عن ابن مسعود.

ومنذ يومين فقط كنت أتحدث مع زوجتي حول رغبتي في بعض المال فوجدتها تقول لي لم نتكلم كثيرا في هذه المسألة ولدينا الفيتامين؟ وزوجتي ـ ربنا يكرمها ـ لما تأتي وتشتري أي شيء حتى الحذاء تشتريه بالاستخارة حتى لا ييسر الله لها شراءه إن لم يكن الله يريده والله عز وجل يقول في حدثه القدسي:" ما يال عبدي يتقرب اليّ بالنوافل حتى احبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطيّنه، ولئن استعاذني لأعيذنّه" البخاري والإمام احمد عن أم المؤمنين عائشة.

يا سبحان الله.. المهم أنني اشتغلت بالواقعة.. وجعلتها وردي في الليل والنهار وأصبحت أحافظ عليها في الأوقات المحببة للذكر.. بعد الفجر.. قبل المغرب.. والله فوجئت برزق يأتينا من حيث لا نحتسب فقلت لزوجتي " الواقعة شغالة" فمن دلائل حنان الله تبارك وتعالى وعطفه أنه استجاب لطلبي وأريد أن أقول شيئا كلنا مررنا بمنعطفات كثيرة في حياتنا وكل واحد فينا قال أدعية معية أو شخص آخر دعاها له وهذه الدعوة نقلتك من حال الى حال.. وموضوع الدعاء هذا له علاقة بالأمهات.. علاقة غريبة جدا وإلا لم قال النبي صلى الله عليه وسلم:" الجنة تحت أقدام الأمهات" أحمد وابن ماجه عن معاوية السلمي.

فهناك علاقة ربانية بين الأم والدعاء..

والله أنا كنت أدخن أربع علي سجائر يوميا فاستخدمت الدعاء والإلحاح على الله كنت أقول يا رب وأول دعوة قلتها لما كنت في أول زيارة للكعبة وانا أعرف أن لي دعوة مستجابة مع أول نظرة لي للكعبة فلم أدع بأي شيء إلا: يا رب أبعدني عن السجائر وقد كان والحمد لله ولم يأخذ مني الإقلاع وقتا طويلا ولم أكن أدعو وحدي، كانت معي زوجتي وأمي كذلك.

رأي الشباب؟

المشكلة أن البعض يشتكي كثيرا أنه يدعو ولا يستجاب له فما يا ترى تفسر هذا إذا كان الله قد تعهد بالإجابة؟

• ربما يكون قلة اليقين بمعنى أنني لا أدعو بيقين فلا يستجاب لي.

• ربما تكون هناك حكمة في منع العطاء يعني ربنا منع عني الشيء الذي أطلبه لأنه ليس مفيدا بالنسبة لي.

** الحقيقة يمكن أن يكون التأخير لن الله يحب هذا العبد وهناك أثر يؤكد هذا الكلام { ان الله تبارك وتعالى يقول يا جبريل دعاني عبدي فيقول نعم يا رب يقول يا جبريل ألح عليّ عبدي في السؤال فيقول نعم يا رب يا جبريل أخر مسألة عبدي فإني أحب أن أسمع صوته} جاء معناه عن أنس وفيه ضعف.

وأحيانا يحب الله تبارك وتعالى أن يعلمك العبودية فيجعلك تدعو ويتأخر في الإجابة حتى تذوق حلاوة القرب من الله، اسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول" ما من رجل يدعو دعاء إلا استجيب له: فإما ان يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخرله في الآخرة لدرجة أن الناس تأتي يوم القيامة ويقول لها ربنا خذ كذا وكذا من الجنة فيقول يا رب بأي عمل فعلته؟ يقول له دعوات دعوتها في الدنيا ولم يستجب لها لدرجة أن بعض المؤمنين يقول يا رب ليتك لم تستجب لي شيئا واحدا مما كنت أدعو به" روى معناه الترمذي عن أبي هريرة.

وإما أن يكفر عنه ذنوبه بمقدار ما دعا تخيل تظل تلح أسبوعا أو شهرا في دعوة والإجابة تتأخر والذنوب تظل تفغر بكل دعوة تتأخر الإجابة فيها.

إذن أحيانا يكون التأخير مفيدا للإنسان.
إذن فالله قد يؤخر عنك الإجابة لأنه يحب أن يسمع صوتك وأحيانا يؤخر عنك الإجابة ليعلمك أن تجاهد شيطانك حينما يأتي يوسوس إليك ان الله تخلى عنك ولم يستجب دعاءك، فربنا يؤخر الإجابة ليختبرك أو ليعلمك أن تطرد شيطانك وتقول له سيستجيب الله رغم أنفك، وأحيانا يؤخر الإجابة لأن من مصلحتك تأخير الإجابة ليفهمك أنك على ذنب، تب من هذا الذنب والله يستجيب.

قصة أحد الشباب التائبين مع الدعاء

اسمي عبدالله سني أربعة وعشرين، مصري أعمل في شركة خدمات إعلامية قصة إلتزامي ببساطة أنني حين بلغت 16 سنة بدأت العمل عارض أزياء وموديل في الفيديو كليب والإعلانات وبالتالي تعرفت على جو ممتلئ بالفساد رغم تربية أبي وأمي الجيدة التي لا أذكر فضلها عليّ، يعني من صغري تربيت على الصلاة، ولكن للأسف الاختلاط مع أصدقاء السوء أبعدني جدا عن بيتي وتربيتي، المهم المواضيع تطورت والشيطان طبعا ساعدني جدا والموضوع بدأ بالخروج والفسح والأكل في المطاعم وهكذا لكن بعد ذلك قلنا مش كل حاجة أكل وشرب عايزين نعمل حاجة جديدة ظللنا فترة نتحدث عن الجديد الذي نفعله حتى بدأ الأمر يتطور الى الخمور والمخدرات ونقيم حفلات للرقص الجماعي والسهر والمبيت بالأيام خارج البيت.

كنت كل فترة أجلس بيني وبين نفسي وأسأل نفسي هل انا سعيد بما أفعله فعلا أم أنني أقول هذا لأقنع نفسي فقط؟
لكن ما إن أجالسهم وأراهم حتى أقول هل كل هؤلاء مخطئون وأنا الوحيد المصيب؟ وأتمادى معهم في كل ما يفعلون..
وإذا كان كلهم مجتمعون على نفس الشيء إذن هذا هو الطريق وأصبح إندماجي معهم كأنه غيبوبة لا أستطيع النظر حولي كأنني كنت ميتا.. عايش ميت في كل حاجة .. ولدي جرأة فظيعة أعمل كل شيء غلط لدرجة أن أصبح الغلط عندي هو الصح والصح هو ما يبنغي أن نبتعد عنه مثلا الصلاة أو قراءة القرآن.

وفي يوم من الأيام كنت مع أحد أصحابي نشاهد شريط فيديو عن فيلم خيالي حول الناس حينما تموت وكيف ان الشيطان يضحك عليهم ويدخلهم الى النار فشعرت بنفسي من هؤلاء الناس وأن الشيطان يضحك عليّ، فحصل لي نوع من الرعب الغريب .. الرعب الهستيري حتى صرخت في أصحابي لا أستطيع المكوث في هذا البيت أشعر أن البيت فيه شياطين وقلت لهم أريد أن أذهب.. ذهبت البيت وأنا أتطوح وجسمي كله يرتعش ولا أدري ماذا أفعل فوجدت أذان الفجر فقلت أتوضأ وأقرأ سورة ياسين طبعا لم أستطع قراءة شيء لأن الشيان كان تملكني من داخلي، وكلما قرأت القرآن كلما ارتعش جسدي وخفت أكثر فقلت أصلي ورغم أن المسافة بيني وبين الجامع مائة متر لكني شعرت كأنني مشيت من القاهرة لأسوان.. أمشي في رعب حتى بدأت أجري والشيطان يوسوس لي أنني جننت وأنه ليست علي صلاة وظللت أحارب الشيطان ثلاثة أشهر تسعين يوما محاربة محاربة.. والحمد لله ربنا أكرمني ونصرني عليه لأنه أتعبني جدا.. أتعبني في الوضوء وأتعبني في الصلاة وأتعبني في قراءة القرآن .. لدرجة أني قلت لوالدتي أنا أشعر أنني جننت فسألتني ما الأمر فحكيت لها كل شيء، متى كان هذا قلت لها في يوم كذا فقالت سبحان الله وظلت تكبر وتهتف هذا هو اليوم الذي ظللت أدعو لك فيه ودعوت بقلب صاف جدا وخالص النية أن يهديك الله.

وحقيقة الأمر أنني شعرت أن الهدى وقع عليّ وكأنه شيء يتلبسني وكأن الدعوة صعدت الى الله فقبلها ونزلت على الفور وتحولت من الشمال الى اليمين فورا فقلت لها: والان ماذا أفعل ؟ قالت لي: إن شاء الله يكون ربنا تقبل دعوتي وأرشدك للطريق الصحيح.. للمسجد فأنت محتاج أن تحارب نفسك وتحارب الشيطان وتحاول في الطريق الذي وفقك الله إليه وتستمر فيه حتى ينعم عليك ربنا بالجنة.. الحقيقة أنني لم أكن أتوقع ان أتحمل فلا أستطيع أن أصف ما يحدث إلا بكلمة حرب، حرب من داخلي وحرب في جسمي وطوال النهار والليل.. حتى ذهبت لأحد المساجد وتوجهت الى الشيخ فأخبرته بما يحدث لي من رعب وخوف شديد وكيف أن الشيطان يخدعني ويخيل لي أني مجنون فقال لي إن هذا هو أسلوب الشيطان وأنه حينما يجد من يبعد عنه الشيطان وتقع كل أسلحته وكيد الشيطان ضعيف فسيتركك شيئا فشيئا إلى أن تموت بقايا ألاعيب الشيطان داخلك وأنت تحتاج أن تحاربه بأسلحتك وأسلحتك هي .. صلاتك وقرآنك والتزامك..

وظللت على هذا الأمر حتى جاء يوم ثمانية وعشرين من رمضان.. ودعاني أحد أصجقائي لصلاة التهجد في أحد المساجد فوجدت من يقدم لي سحور وقال لي ل ابد تتسحر معنا، قلت هؤلاء الناس طيبون جدا وكنت أتعجب منهم كثيرا .. لأنني كنت متخيل دوما أن أي إنسان يؤدي لي خدمة فلا بد أنه ينتظر المقابل وهذا طبعا بفضل أصدقاء السوء فكنت أتصور أن أي شيء في الدنيا لكنني وجدت هؤلاء الناس يبحثون عن الثواب وعن أنهم يدخرون شيئا للآخرة ولما مكثت معهم، ابتعد عني الشيطان تماما .. وحتى حين يأتيني ويقول لي ماذا يريدون منك؟ ولماذا يعاملونك جيدا؟ فبمجرد ان أتعامل معهم وأرى الابتسامة على الوجوه أجد وسوسة الشيطان تذهب المهم رجعت البيت بعد أن اعتكفت المسجد لمدة يومين، والشيطان بدأ يعمل معي من جديد وبدأت مكالمات وتليفونات من بنات كنت أتمنى في الماضي لو نظرت لي إحداهن فقط أو أشارت إلي، وجدتها تكلمني في التليفون وتقول لي: تعال نسافر شرم الشيخ. وللأسف ذهبت مع بعض هؤلاء الأصحاب والشيطان ضحك علي وقال لي جرب لكني أخذت قرارا ألا أشرب خمرا ولن أدخن مخدرات مجرد أن أسهر معهم فقط لكني ظللت غير مستريح ولا أستطيع التعامل معهم كأنني غريب عنهم وبعد ما رجعت قررت قرار ـ إن شاء الله ربنا يثبتني ـ ألا أترك أصدقاء المسجد أبدا..
طبعا لا أستطيع المقارنة بين حياتي السابقة وحياتي الآن.
فقد أصبح لحياتي معنى حقيقي.. لها معنى.. لها هدف..

أنت تعيش لتصل الى الجنة.. تتزوج لتنجب ذرية صالحة تدخل بها الجنة.. أعمل لأكسب مال حلال فشعرت أن كل عمل طيب في الدنيا يعود عليك في الآخرة بثواب فقلت: الله!! ما أشتري الجنة خلاص لأني بذلك سأحيا في الدنيا سعيدا إن شاء الله والحمد لله ربنا أكرمني وأدعو الله أن يثبتني على الموضوع.

إحدى الشابات التائبات

الحقيقة أنا أريد أن أقول الكلام الذي قاله عبدالله أنا مقتنعة به تماما وأشعر بكل كلمة قالها لأنني مررت بنفس ظروفه تماما.. مع الفرق أن هو ولد وأنا بنت.. نفس الذي كان فيه عبدالله بنفس الجو نفس العمل كموديل في الإعلانات والفيديو كليب.. يمكن يكون الفيلم هو سبب صحوته لكن صحوتي جاءت فجأة فبينما كنت أجلس مع أصدقائي القدامى فشعرت أنني أريد أن أصلي الفجر وظللت أدعو دعوة واحدة وأنا أصلي قلت يا رب وجهني الى الطريق الذي تحبه وبالفعل ـ وربنا شاهد ـ أنا منذ ذلك الحين قطعت كل علاقاتي بالماضي.

** الحقيقة أنا عندي أكثر من ملاحظة:

.. أولها أن عبدالله قال جملة أنا متأثر بها جدا قال كنت " ميت في شكل إنسان" فسبحان الله هو قالها ولعله لا يعرف الآية التي تقول { أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها" [ الانعام 122].
يعني عبدالله قال الإحساس دون أن يعرف الآية.. فمن لا يعرف الله فعلا ميت وليس حيا..

.. النقطة الآخرى هي ما قاله عبدالله أن والدته دعت له في لحظة وإن هذه اللحظة كانت في اليوم الذي تغير فيه والأستاذ وجدي قال إنه يطلب من والدته أن تدعو له دوما فهذا الحرص على دعوة الأم لا بد أن نركز عليه.

وليست الأم فقط ولكن الحرص على دعوة الناس كلهم لك لأن أحيانا تكون دعوة الناس لك أقوى من دعوتك لنفسك فحديث النبي صلى الله عليه وسلم واضح يقول فيه:" دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه بظهر الغيب. عند رأسه مالك موكل به كلما دعا لأخيه بخيؤ قال الملك: آمين، ولك بمثل ذلك" الجامع الصغير للسيوطي عن أبي الدرداء.

فتخيل أن الله يخصص ملكا ليؤمّن على دعائك ويقول لك: ولك المثل والسؤال الذي يطرح نفسه أن " عبدالله" والدته دعت له وهي ضارعة لله وهو بدأ يتحسن ويقبل على الله، فالله استجاب الدعاء وتقبل منها..
لكن يا ترى لو كان الدعاء في وقت وعبدالله بعيد عن الطريق هل كان يستجيب للدعاء؟

رأي الشباب

• أنا أفكر فيها فأحد أنني حينما أطلب شيء من إنسان فعلى الأقل أكون مؤدية حقوق هذا الإنسان، ولا يمكن أن أكون مضيعة حقوقه كلها وأتجرأ على الطلب منه.

• الأمر يختلف ليس مسألة طائع أو عاصي أنا شخصيا التزمت بالحجاب وبقيت إنسانة صالحة ولا أفعل ما يغضب الله، ولا أكلم أصحاب السوء لا أقول أننا كاملين لأن الكمال لله وحده، لكن أصبحنا نقوم بأشياء جيدة وياتي من حين لآخر علينا فترة اختبار وهي الدعوة التي يمكن أن تستجاب أو لا فهو اختبار لا بد أن يمر على كل من يدعو الله..

• في الحقيقة هناك كلمة جميلة جدا لسفيان الثوري وهو أحد التابعين يقول:" لا يمنع أحدكم من الدعاء كا يعلمه عن نفسه من السوء" وهذا معنى جميل جدا وهناك أدكلة عليه فإن الله قد استجاب لشر خلقه إبليس حين قال:{ قال فانظرني الى يوم يبعثون* قال إنك من المنظرين} [ الأعراف: 14، 15].

وتعالوا نتكلم الكلام العملي إذا أردت أن يستجاب دعاؤك هناك أربعة شروط يجب أن تتحقق أولا، وهي:

1- اليقين.. أن تتأكد أن ربنا سيستجيب.

2- الخشوع .. وبمناسبة الخشوع هناك كلمة جميلة جدا أحب ان أقولها وهي عن أحد التابعين يقول:
أنا أعلم متى يستجاب دعائي فتعجب الناس قالوا له: كيف؟ قال: عندما يخشع قلبي وتدمع عيني وتسكن جوارحي.
إن هذا المعنى موجود في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول:" واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل لاه" مسند الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة.

يعني تظل تقول: يا رب أريد سيارة.. يا رب أدخلني الجة.. وأنت غافل وتريد أن يستحيب الله لك؟!! لا يمكن لا بد أن يخشع قلبك وتذل الى الله يا رب يا رب يا رب..
لدرجة أن الإمام أحمد بن حنبل يقول: ليس عندي مثل للمسلم حين يدعو فيستجيب الله لدعائه إلا كرجل على خشبة في وسط البحر، والموج هائج وقد أيقن بالموت.
كيف سيكون شكل الدعاء؟ فهو يدعو وهو لاجئ الى الله..
أكيد سيستغيث.. كلما تتذلل الى الله وتخشع وتضرع وتهتز من داخلك وتقول له أدركني يا رب.. أنقذني يا رب..
ولذا يقول الله عن نفسه أنه { يجيب المضطر إذا دعاه} [ النمل 62].

3- عدم الاستعجال،، واحذر من هذا الأمر.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري ومسلم عن أبي هريرة: أي أن يقول الانسان: قد دعوت ولم يستجب لي فيترك الدعاء ونحن تناقشنا في هذا الأمر وأوضحنا لماذا يؤخر ربنا الدعاء.

4- أن يكون مالك حلالا.. لان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" مسلم والإمام أحمد عن أبي هريرة.
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم الرجل ** أشعث أغبر يعني إيه غلبان محتاج لربنا يرفع يديه وهو خاشع أهو يقول يا رب يا رب شوف الخشوع محقق الخشوع ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام فأنّى يستجاب له.

سؤال أخير.. الحقيقة أنني لا أستطيع الدعاء الى الله بكلام منمق ومرتب فهل يجوز أن أدعو بما يأتي على خاطري؟

الله..! هل تصدقون أن هذا السؤال سأله أحد الناس للنبي صلى الله عليه وسلم.. تخيلوا.. جاء للنبي صلى الله عليه وسلم رجل وقال له: يا رسول الله إني لا أجيد دندنتك ولا دندنة معاذ ( يعني الكلام الحلو المنمق نفس الكلمة التي قالتها السائلة) .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم فماذا تقول انت؟ قال: أقول اللهم إني أسألك الجنة اللهم نجني من النار.. فقال النبي حولها دندن" مسند الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه.

يا جماعة ادعوا بما في قلوبكم.....

نصيحة نختم بها

ادعوا بما تشعرون به.. لا تنمّقوا الكلام.. قلها من قلبك يا رب.. انا محتاج لك يا رب.. أنا مسكين يا رب.. أنا كل ما أعمل الذنب وأتوب عنه أرجع له.. ساعدني يا رب ساعدني.. يا رب أدخلني جنتك.. يا رب اغفر لي.. يا رب ارض عني.. ليس لي غيرك.. انا ضعيف.
يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي:" يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنبو جميعا، فاستغفروني أغفر لكم" الترمذي وصحيح مسلم عن أبي ذر الغفاري.
انظر كم مرة يطلب منا أن ندعوه.....
يعني كل ما تريد شيء أي شيء إلجأ الى الله عز وجل....

.. وفي النهاية.. أحب أن نختم بالدعاء لعل الله تبارك وتعالى يستجيب لنا وأن نحقق شروط الدعاء موقنين أن ربنا سيستجيب لنا أي أننا لسنا متعجلين .. عندنا خشوع وتضرّع.. ناويين كل مالنا يكون حلال إن شاء الله وندعو..
يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.. الحمد لله الحمد لله الحمد لله.. الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض.. الحمد لله الذي جعل الليل والنهار.. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. الحمد لله بالإسلام والحمد لله بالإيمان والحمد لله بالقرآن..
اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل عليه في الآخرين وصل عليه في الملأ الأعلى الى يوم الدين.. اللهم اغفر ذنوبنا اغفر ذنوبنا اغفر ذنوبنا.. استر عيوبنا.. ارحم ضعفنا اجبر كسرنا.. يمّن كتابنا يسر حسابنا.. تول أمرنا اعتق رقابنا.. ارض عنا ارحمنا.. نسألك الجنة ونعوذ بك من النار.. اللهم اكتبنا من اهل الجنة.. اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم.. يا من تقول ادعوني أستجب لكم أجب دعاءنا واغفر ذنوبنا.. يا ودود يا رحيم يا قريب يا مجيب الدعاء.. يا ذا الجلال والإكرام.. اللهم إنا نسألك العفو عنا أجمعين.. اللهم يا ذا الجلال والإكرام اهد شباب المسلمين واهد نساء المسلمين وارض عنا أجمعين..
آمين آمين وصل اللهم على سيدنا محمد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأصل فيك يامسلم ان يديك مرفوعتان
لربك تسأله.. تدعوه بما في قلبك...