كلام من القلب الصداقة

كلام من القلب

الصداقة

أستاذ عمرو خالد

بيروت ـ لبنان


دار إقرأ
سوريا دمشق


هذه السلسلة ليست كلمات تكتب لتحشر في العقول، لكنها نتاج حوار حي نابض بين الداعية الاسلامي الاستاذ عمرو خالد وعدد من الشباب في حديث مفتوح أصدق تعبير عنه أنه "حوار من القلب" أردنا أن ننقلها اليكم حية نابضة. حاولنا جاهدين أن نحافظ على أن تكون سهلة بسيطة قريبة من كلمات أصحابها بلا تكلف أو تقصير.
وبالله لا تنسونا من صالح دعائكم...

في هذه الرسالة:
 يا ترى أصحابك هل هم أصحاب سوء أم أصحاب خير؟
 قصتي "عقبة ابن ابي معيط" و"عياش ابن ابي ربيعة"
 الاصحاب ثلاثة أنواع
 ماذا أفعل لو لي صاحبا عاصيا
 حوار مع الشباب... وحكايتهم بألسنتهم
 قصة لطيفة "سلمان الفارسي" وقصة حب "عكرمة بن أبي جهل"







إهداء

إلى فريق صادق فهوى وأسقطه أصدقاؤه في الوحل بعد أن كان "مشروع" نجم في السماء، إلى فريق آخر صادق فسما وارتفع بعد أن تمرغت أنفه كثيرا في التراب، الصديق طريق... فاختره جيدا

موضوعنا هو موضوع يؤرق آباء وأمهات وممكن يضيع شبابا أو يهدي شبابا، الموضوع عن.. أصحابك هل هم أصحاب سوء أم أصحاب خير؟ ..أصحاب يعينونك على طاعة ربنا أم أصحاب يبعدوك عن ربنا.. أصحاب صانوا التربية التي تربيتها في بيتك أم لا؟
فالحقيقة أن أولادا كثيرين يكونون في بيوتهم قد تربوا تربية ممتازة وأهلهم ناس أفاضل لكن لا تفهم كيف يكون الشاب الذي هو من بيت طيب يفعل ما يفعل لدرجة أن اهله أنفسهم يتعجبون حين يعرفون أنه يفعل كذا وكذا أو حين يفاجئون أنه سيستلمونه من قسم بوليس ويكونون مذهولين... لكنهم لم ينتبهوا من هم أصحابه، لم يركزوا في هذه النقطة أن اكثر ما يضيع الانسان أصحابه.. وأكثر ما يهدي الأصحاب.. والحقيقة إن الكلام ليس كلامنا ولا كلام اليوم ولكنه كلام القرآن وكلام السنة من سنين طويلة... بل من أيام سيدنا موسى.. حين قال:
(رب اشرح لي صدري* ويسر لي أمري* واحلل عقدة من لساني* يفقهوا قولي* واجعل لي وزيرا من أهلي* هارون أخي* اشدد به أزري* وأشركه في أمري* كي نسبحك كثيرا* ونذكرك كثيرا* إنك كنت بنا بصيرا* سورة طه 25:35
سيدنا موسى وهو النبي.. ومن أولي العزم من الرسل كأنه يرى أنه لا يقدر وحده محتاج من يعينه على الذكر والعبادة.. النبي (ص) يخاطبه ربنا فيقول (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) الكهف 28... رسول الله يقال له هذا الكلام

القرآن يضرب في سورة الفرقان نموذجا لانسان سيأتي يوم القيامة يعض على يديه يتخيل حسرته (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا* يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا* لقد أضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا) الفرقان 27:29

فليست يدا واحدة لكن الاثنتين... تخيل الحسرة والأسى... وعلى فكرة شباب كثيرون كانوا بدأوا يمشون في طريق ربنا وجاء صاحب وقف في طريق حياتهمفأرجعهم لخطوات كثيرة جدا جدا للوراء لذا النبي (ص) يقول: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه الترمذي والامام أحمد وابو داوود عن أبي هريرة..

أصل المشكلة أن شبابنا وبناتنا يصاحبون من جاء في طريقهم.. جاء في طريقي فلان كان معي في المدرسة.. فلانة كانت معي في الكلية اذن لتكن صاحبتي فهل أنت دققت أم لا؟ أنا لا أدقق الشخص الذي يقع في طريقي أصاحبه طالما مشينا مع بعض وتعرفنا على بعض اذن اصبحنا اصحاب وهذا اسلوب خاطئ في اتخاذ الاصحاب..

الصاحب ليس من وضعته الظروف في سكتك انما الصاحب الذي اخترته أنت، وترى فيه أنه مناسب لتربيتك وبيئتك واخلاقك ولدينك وطباعك..

هذه مشكلة كبيرة يقع فيها الاصحاب تبدا من الثانوي وتبدا من سن المراهقة هو يريد أن يصاحب من يخرج ويلعب ثم بعد ذلك يندم عمرا طويلا انه صاحب فلان.. ولما تقول له متى كانت بداية ضياعك؟ .. يقول لك من الثانوي يوم ما عرفت فلان.. لذا فالرسول (ص) يقول: (المرء مع من أحب) البخاري ومسلم من تحبه ستاتي معه يوم القيامة فاختر لنفسك مع من تحب ان تاتي؟ الحقيقة انا احب النبي (ص) واحب الصحابة واحب الناس الطاهرين المؤدبين المحترمين المتدينين تاتي معهم ان شاء الله.. المرء يحشر مع من حب.. والنبي (ص) يقول: (مث الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير) روى معناه البخاري ومسلم تأمل الفرق الكبير.. النبي يقول لك ويعلمنا أن هذا الفرق بين صاحب وصاحب..



****والعجيب ان التاريخ الاسلامي يحكي نماذج لناس تعلقت بناس فضيعوخم وهذه قصة مناسبة لموضوعنا وهي عن أبو جهل.. وأبو جهل رأس من رؤوس الكفر.. شديد الكفر لا أمل فيه وكان له صديق يحبه جدا اسمه عقبة بن أبي معيط كانت علاقته بابي جهل علاقة حميمية.. صديقه ويحبه جدا لكن عقبة كانت نفسيته احسن من ابو جهل.. كان هناك أمل.. وبدأ يسلم فقد كان يترد على النبي ويسمع كلام النبي وبدأ يتاثر ويهتز.. وجاءت فترة كان ابو جهل مسافرا خارج البلد، فراح التاثير الذي كان يمنعه من الاسلام فبدا يذهب للنبي وظهر عليه انه سيستجيب فعرض عليه النبي الاسلام فقال نعم ولكن انظرني حتى الصباح.. للاسف كان نفس هذا هو نفس الوقت الذي عاد فيه ابو جهل من السفر فقال له عقبة: اني اريد ان اذهب غدا الى محمد لاسلم فقال له ابو جهل اقسمت عليك بما بيني وبينك من صداقة ان تعود اليوم الى محمد فتبصق على وجهه فبعدما كان سيقول اشهد ان لا اله الا الله ويقبل يد النبي يدفعه الصاحب الى ان يفعل العكس وكان الاختيار يقول دينك ام اصحابك.. اهلك ام اصحابك لكن الاختيار للاسف مثل ناس كثيرة اختارت في الدنيا ووقعت وضاعت.. عقبة بن ابي معيط اختار ابو جهل عن النبي (ص) اختار صاحبه.. ترك عقبة بن ابي معيط النبي وذهب لابي جهل، فتحول عقبة بن ابي معيط لاكثر الناس ايذاء لرسول الله (ص) وما اجترا احد على رسول الله كعقبة بن ابي معيط عقبة الذي كان قلبه بدا يرق للاسلام وكاد ان يدخل في الدين يجعل النبي يصلي عند الكعبة فيخلع العباءة ويلفها حول عنق النبي (ص) ويخنق النبي خنقا شديدا حتى سقط النبي على ركبتيه.. وفي مرة والنبي (ص) ساجد عند الكعبة واحضر امعاء جمل ميت ورماها على ظهر النبي (ص) فما استطاع النبي ان يقوم حتى جاءت بنته زينب وازاحت الوسخ عن ظه رسول الله (ص).. هذا عقبة بن ابي معيط وهذه النهاية انه مات كافرا مقتولا في غزوة بدر.. وانتفخ بعد ما مات مباشرة ولم يقدروا على القائه في حفرة فظلوا يردمون عليه في نفسمكانه الذي مات فيه.. موتة شنيعة..

****وتعالوا نر المثل العكسي.. واحد اسمه عياش بن ابي ربيعة.. اسلم عياش لكنه لا يزال ضعيف الاسلام.. وجاء وقت الهجرة وهو كان صديق حميم لمن؟ لعمر بن الخطاب وهاجر مع عمر بن الخطاب وهما في الطريق ارسلت امه اليه من يقول له: امك تموت وقد اقسمت انها "لا تقف في ظل ولا تغتسل" ستظل واقفة في الشمس ولن تغتسل حتى ترجع لها، فبدأ عياش يهتز.. أمي وأريد أن أرجع لها.. فبدأ عمر بن الخطاب يثبته انظر لما يكون لك صاحب يثبتك.. فقال له عمر بن الخطاب: "يا عياش إن وقفت في الحر اليوم، ففي الظل غداً.. ون لم تغتسل اليوم فسيغرقها القمل فتغتسل" يعني لماذا انت قلق عليها بعد يومين ستجد نفسها متأففة من قلة النظافة فستغتسل واذا احتملت الشمس قليلا فغدا تتعب وتتركها الى الظل.. سيدنا عمر يثبته وعياش بدا يقول: لا بد ان ارجع فيقول له عمر: "يا عياش ان عدت ستفتن" تامل قيمة ان يكون لك صاحب يقول لك يا تفعل كذا.. يا ابني حرام ستقع في الخطا.. ابحث عن هذا الصاحب.. مثل هذا الصاحب اصبح نادرا الآن.. فقال عياش لا بد ان اعود.. فلما وجد سيدنا عمر انه لا فائدة وعياش مصر ان يرجع فعمل شيئا عجيبا.. فنزل عن ناقته وعياش لم يكن عنده ناقة فقال: "يا عياش ان ابيت الا ان تعود فعد على ناقتي، لعلها تذكرك بي فتعود في يوم من الايام" والناقة مثل السيارة يعني نفس الثمن تقريبا ونفس غلو السعر.. واخذ عياش الناقة ورجع الى اهله واوذي وضرب.. وكاد أن يفتن وبقيت ناقة عمر بن الخطاب ذكرى لعياش كل ما يراها يتذكر الايمان والدين.. وعد الى حظيرة الاسلام بصاحب كان حريصا عليه..

والسؤال أين نحن من هذا الامر؟ واصحابنا من أي نوع؟ ومن سنختار.. هذا ما أريد أن أعرفه منكم

رأي الشباب

**** انا كان لي تجربة شخصية في هذا الموضوع، كان لي صديق على نحو آخر تماما في بداية التزامي كان هذا الصديق اقرب المقربين مني وكان هذا الصديق نعم العون لي في الالتزام فحين نتقابل مثلا كان يقول لي نتقابل بعد صلاة العصر او نصلي معا في المكان الفلاني فهذا امر مهم جدا ان الانسان يجد الصديق الذي يعينه على طاعة الله سبحانه وتعالى..

****كنت اريد ان اقول بداية ان الموضوع يبدا من التنشئة الدينية مهما الواحد قابل مخاطر او وجد صعبات واخطا فلا بد انه سيرجع للصواب من جديد لان بدايته كانت صحيحة.. انا كنت في بداية المدرسة كنت في مدرسة اسلامية وسبحان الله كنا وقت الصلاة نفرش الحصر ونصلي جماعة وكنت احس بمعنى الاسلام والدين في كل لحظة لكن للاسف بعد ذلك حصلت ظروف وانتقلت من هذه المدرسة لرغبة والدي... فسبحان الله لما ذهبت المدرسة الثانية قابلتني فيها مشاكل الصحبة وتعبت تعبا شديدا جدا.. واصبحت كل مرة اذهب لامي وابكي اقول لها اين الدين والاخلاق.. انا خائفة انجرف يا امي.. وفي هذا الوقت كنت في اولى اعدادي وكنت اريد ان اتحجب وكان الكل يتكلم عن انه ليس لي صاحب، واين صديقك؟ طيب تعالي نهرج وللاسف التهريج عندهم لا يعني الابتسامة فقط.. فسبحان الله صبرت وكنت ادعو ربنا واقول: يا رب اعنني على الطاعة فسبحان الله الدعاء والصبر يعني بفضل الله والتوكل على الله قدرت اني انجح بصحبة واحدة صديقتي فقط.. ربنا وضعها سبب لي حتى يعين بعضنا البعض.. والحمد لله تحجبت وهي كانت محجبة كذلك.. لما ذهبنا الكلية كانت نعم العون فكانت تقول لي بين المحاضرات تعالي نسبح الله تعالى.. تعالي نستغفر..

****بخصوص الصحبة الصالحة والصحبة السوء التي يمكن ان تشد اي واحد لاي مفاهيم.. اذكر صديقا عزيزا علي جدا واتمنى من الله عز وجل ان يتذكر الكلام الذي كان يقوله لنا...هذا كان الشخص كان بالفعل قريب من ربنا جدا وكان مرتبطا بصحبة صالحة وكان يؤدي كل الصلوات في المسجد ويحرص على الاذكار فكان له اذكار يومية صباحية ومسائية، كان له اوراد وطاعات يومية.. لكن هذا الشخص لظروف معينة بهرته صحبة اخرى هذه الصحبة فيها حياة براقة وسهرات وحفلات فيها كوفي شوب يجلسون عليها، وامور كثيرة الشباب يعتبرها ليست مشكلة.. لكنها للاسف كانت هي التي قادت صاحبي من حياة الطاعة والعبادة.. والحياة التي كان يحياها لم تكن "دروشة" ولكنها حياة معتدلة يستطيع ان يوازي فيها بين الدين والدنيا.. المهم انه قد اخذته الصحبة التي تعرف عليها لحياة مختلفة تماما لدرجة انه اصبح يحب السهر فبدا يقنع نفسه: "وفيها ايه لما اسهر معهم يوم في الاسبوع" فبدا يسهر كل يوم خميس لحد الصبح ويقول: ما دمت اصلي الفجر فلا مشكلة لكنه تحولت كل ايامه الى سهر وبدا يهجر الصلاة وقبلها الاذكار بدات حياته تتغير تماما، ودخل في اطار آخر بعد ما يؤكد علينا الا نسلم على نت الآن قاده انبهاره بهذه الصحبة الى أن يصاحب بنات وممكن يسلم عليهم فحياته تغيرت تماما لدرجة انه وبدا يدخل في اطوار ثانية من اطور الحياة بعيدة عن ربنا.. فانا اتمنى من الله عز وجل انه يرانا ويتذكر كلامه الذي غير كثيرا من اصدقائه الى الاحسن

الحقيقة اريد ان اثير تساؤلا لو ان لي صاحبا عاصيا، الصواب ان اتركه وابتعد عنه ولا آخذ بيده ولا أقعد جنبه أم اتركه لحاله والمهم ان احافظ على نفسي؟

..أنت مخلوق اجتماعي ولذلك وانت تترك اصحابك لا بد ان تدعو ربنا يا رب ارزقني باصحاب افضل.. اصحاب محترمين متدينين يعينونني ان اقترب منك، ويبعدوني عن معصيتك... والاصحاب ثلاثة أنواع: أصحاب طائعين أو أصحاب غافلين أو أصحاب عصاة بعيدون عن الدين وبعيدون عن الاخلاق، فالاصحاب العصاة.. لا بد ان تبعد عنهم لكن لا مانع من ان تجعل بينك وبينهم شعرة يمكن في يوم من الايام تاخذ بايديهم وترجعهم مرة اخرى فحفظ على الاتصال في الاعياد والمناسبات مثلا.. اما الغافلون.. وهم الصنف المؤدب لكنه لا هو عاصي ولا هو طائع، فهذا تأخذ بيده جدا وتظل وراءه وتحاول معه بكل الطرق.. أما الطائعون.. فتمسك بهم بيديك واسنانك كما يقولون وحاول أن تهتدي بهم وتمشي معهم ويكونوا هم صحبتك وبيئتك وهم المقربون منك...

حكايتهم بألسنتهم

اسمي أحمد العريني.. من مواليد خمسة وعشرين نوفمبر واحد وسبعين.. أعمل باحدى شركات السيارات بمدينة 6 اكتوبر.. مع بداية فترة الثانوي كانت حياتي لا تعجبني نهائيا وبدات حياتي تاخذ شكلا آخر تعلمت تدخين السجائر، ولم تنفع كل محاولات والدي ووالدتي ليبعدوني عنها، لم تنفع وبدا مستواي يقل في الدراسة، وبدات أنشطة جديدة تدخل على حياتي.. الخروج الكثير خارج البيت والسهر والسفر مع اصحابي، نذهب حفلات ديسكو وفنادق مما اثر علي وجعلني لا احصل الا على مجموع قليل، فدخلت كلية عسكرية زكنت دئم افتعال المشاكل مع رؤسائي او مع زملائي الاقدم مني وفي النهاية بعد حوالي سنتين من الكلية كان القرار واضحا جدا وهو انني لا يمكن ان اكمل في الكلية مما ادى بي الى اتخاذ القرار بترك الكلية وفي نفس الوقت كان اهلي يحايلونني حتى اكمل في الكلية فكانوا يجيبون لي كل مطالبي حتى لا آخذ قرار أو أتسرع في ترك الكلية، مما كان له اثره في زيادة الانحراف عندي الى حد كبير، وبدات حياتي تاخذ اتجاه آخر يعني متهيألي لا يوجد شي لم نعمله، لدرجة أن اصحابي سموني "الشيطان" من كثرة ما كنت افكر فيه من طرق انحراف، يعني كنا نعمل كل حاجة.. شرب.. خروج.. بنات، لدرجة اننا في مرحلة بدانا نسال انفسنا ما الحرام الذي لم نفعله؟ لم نعمل ايه حرام فوجدنا الربا، فقررنا فعلا اننا نتعامل بالربا سلفنا بعض فلوس ولا احد يحتاج للنقود لمجرد اننا ناخذها اليوم التالي بزيادة حتى نكون تعاملنا بالربا، وبهذا نكون عملنا الحرام كله.. يعني كان بالنسبة لنا اننا نريد ان نثبت لانفسنا اننا نعمل الحرام ولا يهمنا طبعا نحن لا شيء يهمنا فنريد ان نفعل اي شيء... دخلت كلية التجارة وقررت انني لن اهتم بالدراسة حتى لو اخذت الشهادة بعد 10 سنسن، ونجحت في اول ترم لكني سقطت في ثاني ترم..

والحقيقة بدات ازهق من حياتي واشعر انني في ملل ولا يوجد اي شيء يمكنه ان يدخل علي نوع من انواع السعادة او اي نوع من انواع الرضا.. ففي سنة ثانية بدات اهتم بالدراسة بعض الشيء بدات افكر واهدا نوعا ما، بدات ابعد عن اصحابي، حتى اصحابي لم اكن احب القاهم والوحيد الذي كنت احبه اثناءها ولم تتاثر علاقتي به ابدا هو صديق لي اسمه ايهاب يسكن بجانبي وكان معي في الكلية.. وكان والده يعمل في دولة عربية فسافر له ايهاب في نصف رمضان تقريبا ورجع بحالة مختلفة تماما غير التي سافر بها.. وجدته بدا يصلي في الجامع.. طريقة كلامه مختلفة وبدا يكلمني كلام في اتجاه واحد ويحاول يشرح لي انه تغير او لازم كون في تغيير في حياته.. اما بالنسبة لي المسالة كلها كانت هزار وقلت دي حاجة طلعت في دماغه شوية كدا وهتروح زي ما اي حاجة بتطلع في دماغنا.. المهم العلاقة بيننا وصلت يمكن لحد التوتر الى حد ما وانقطعت تقريبا.. بالنسبة لي انا كنت دائما متعود لما اذاكر يكون بجواري كاسيت او راديو، او حتى افتح تلفزيون ولا اركز معه، وبالصدفة كنت مللت من كل الشرائط التي عندي فلقيت شريط مجهول لا اعرفه فوضعته في الكاسيت فوجدته شريط كانه قرآن مثلا وفيما بعد عرفت انه دعاء.. الشريط كان جميلا جدا والكلام اول مرة اسمعه، يعني دعاء جميل وبكاء وامور اول مرة اسمعها بل اول مرة اسمع عنها وفي يوم ما نزلت اصلي العصر في الجامع، طبعا وانا داخل الجامع كان الشارع كله يتعجب مني كيف سيدخل هذا لبني آدم الجامع؟ يعني هو لم يكن يصلي الجمعة فهل سيدخل الجامع يصلي العصر؟ ..فدخلت صليت العصر وبعدما انهيت الصلاة وجدت من يمسح على رأسي من فوق.. ثم نزل ليقبل رأسي طبعا تعجبت ففوجئت بشخص اعرفه هو جارنا في الشارع وصديق لوالدي لكني حتى لا اعرف اسمه فشعرت بارتياح نفسي غريب واحسست ان جسمي يقشعر وعيناي تدمعان.. مشاعر لم احسها ابدا من قبل والحمد لله نزلت صليت المغرب والعشاء في نفس اليوم في الجامع والامام كان يقرأ بآيات من سورة الزمر وبدأ بالربع الاخير (قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) الزمر 53 فلما سمعت الآية انفعلت جدا معها وشعرت ان الكلام يمسني.. وبينما انا خارج من الجامع فوجئت بايهاب واقف امامي ومنتظرني نعد باب المسجد واول ما خرجت تقدم ناحيتي كانه يجري واخذني في حضن لن انساه طوال عمري.. وقبلني وظل يقول لي كلاما جميلا يقول لي تاكد انك مهما ذهبت لن تجد غير هذا سترجع مرة اخرى لهذا المكان.. ومن هذا الوقت وانا اشعر من داخلي انني قد رجعت ولن انسى ابدا فضل ربنا سبحانه وتعالى ان اعطاني ايهاب الذي كان حتى لو عصيت ربنا امامه كان يصبر علي ويوجهني.. حتى انه كان يترك المسجد الذي يحب ان يصلي فيه التراويح وياتي معي لاني احب ان اصلي في مسجد آخر ينتهي بسرعة من الصلاة، وبعد ذلك عرفت انه كان يرجع البيت يصلي التراويح ثانية بالجزء الذي كان يصلي به الشيخ الذي كان يتابع معه كل يوم جزء من القرآن..

هذه قصة احمد والحقيقة احمد نقلنا من الكلام عن الصاحب السيء الى صاحب صالح بمعنى حلو جدا اسمه الحب في الله والاخوة في الله أحمد يقول:"حضني حضن لن انساه ابدا ما حييت" كانه حضن تثبيت كانه حضن يثبت الواحد على طريق الله، ويظل يتذكره حتى يموت وهذا هو الامر الجديد الذي لا نعرفه في حياتنا وحتى الىن شبابنا وبناتنا يمكن لا يعرفون شيئا اسمه "الحب في الله" و"الاخوة في الله" فان يكون لك انسان تحبه، ولا تريد منه شيئا في الدنيا مجرد انك تحبه من اجل ربنا وياخذ بيدك وتاخذ بيده لغاية ما تدخل انت وهو الجنة...

الحقيقة أحمد وهو يتكلم عن ايهاب ذكرني بحديث النبي (ص): "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله.. منهم.. رجلان تحابا في الله) اخرجه البخاري.. وهو يتكلم جاء الحديث امامي فورا.. الناس جميعا واقفون في الحر يوم القيامة والشمس شديدة في حرارتها واقتربت من ارؤوس والتعب والعرق والنصب والنتظار سنين طويلة لكن هناك سبعة اصناف من الناس يقفون لا في ظل شجرة ولكن في ظل عرش ربنا منهم رجلان تحابا في الله... تعالوا نتكلم في هذا المعنى الذي حرم منه كثير من الناس (رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) تجمعهم طاعة ربنا ويوم ما يتفرقون فهم يتفرقون وكلاهم يوصي الآخر بطاعة ربنا.. كيف سنستيقظ للفجر من سيتصل الآخر.. احدهما يقول للآخر: لا تنسى تصلي اليوم ركعتين.. احذر من الذنب الفلاني.. هذه هي الاخوة في الله وهذا هو الحب في الله...

..ولتكن قاعدة لنا يوم ما ربنا يهدي الواحد فينا.. الابتسامة لا تفارق وجهك دوما، وان الاصل ان تكون بشوش، ودائما تعامل الناس بلطف.. تربت على قلب هذا، وتمسح على راس هذا

هل اخذتم بالكم من حكاية احمد قال: "فلان مسح على راسي وقبلها" وفلان "حضني".. النفس البشرية تكون راغبة في امور كهذه.. الآن لم يعد كثير من الناس يفعلها لكن كان ذلك هو الاصل في عهد النبي.. فهذه المعاني ترقق القلوب جدا وهذا هو الاسلام.. فليس الاسلام الشدة والتشنج والعصبية والعنف لكن هو الرقة وروح الاسلام التي كان يتعامل بها ايهاب مع احمد....

الشباب يتكلم
****ما الذي دفعك ان تدخل وتصلي العصر في هذا الوقت؟
....والله انا لا اتذكر سببا معينا ولا اشعر حتى انه كان هناك سبب معين صحيح انني كنت اشعر بفراغ كبير في حياتي وانه لم يعد فيها اي مصدر للسعادة.. وفي نفس الوقت الشريط الذي وجدته واعجبني الدعاء فيه ربما اثر في، والحقيقة لا اعرف اصلا اذا كنت متوضئ أو لا وانا ذاهب للصلاة انا كنت في الشارع فوجدت الاذان فدخلت.. واقسم بالله اني حتى الآن لا اعرف ما الذي ادخلني المسجد في هذا الوقت..

****ماذا فعلت مع اصحابك القدامى بعد التزامك؟
****اين ذهبوا وماذا فعل الله بهم؟
الحقيقة ان ايهاب ربنا يكرمه حاول ان يوجد لي المجتمع البديل... فالحقيقة بدأ يعرفني بأصدقاء في الكلية كانوا شباب غريب بالنسبة لي- فأنا متخيل الرجل المتدين لا بد أن يكون رجلا عجوزا وبلحية ومكشر ويرتدي جلابية قصيرة- لكنني وجدت هذا الشباب ممتازين جدا وملتزمين الحمد لله، وفي ذات الوقت يخرجون ويلعبون ويفرحون ويمارسون كل انشطة الحياة لكن في طاعة ربنا.. ومن اجل طاعة ربنا سبحانه وتعالى.. وفي النهاية وجدت المجتمع البديل فلم اعد محتاجا لمجتمعي القديم، وفي نفس الوقت المجتمع البديل شعرت فيه بالامان، اصحابي القدامى مثلا اكون معهم نضحك ونتكلم لكن لو اعطيت لهم ظهري سيقولوا علي كذا وكذا، شعرت انه اصبح لدي موازين اخرى اقيس بها تصرفاتي وافعال الاخوة في الله والحب في الله...

يا لسعد وهناء من يبعث له ربنا انسانا يحبه من اجل ربنا.. سيدنا عمر بن الخطاب يقول هذا: "اذا وجد احدكم من اخيه ودا فليتمسك به فقلما يصيب ذلك" وورد في الاثر: "ما اعطي عبد بعد الاسلام خيرا من اخ صالح ان نسي ذكره وان ذكر اعانه"... وتدرك حلاوة الاخوة لما تسمع حديثا قدسيا يقول فيه الله تبارك وتعالى فيما رواه معاذ بن جبل عن رسول الله (ص) فيما رواه عن ربه: (وجبت محبتي للمتحابين فيّ) مسند الامام احمد والترمذي وابو داوود... وجبت محبتي يعني لو ان اثنان يحب كلاهما الآخر من اجل ربنا لا يطمعون من بعض في دنيا ولا مال.. اي اننا نعرف بعض حتى نطيع ربنا فيستحق كليهما وجوب محبة الله لهما

وتتاكد قيمة الحب في الله لما تسمع حديث النبي (ص) (ان عمر بن الخطاب قال قال النبي (ص): ان من عباد الله لاناسا ما هم بانبياء ولا شهداء يغبطهم الانبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله. قالوا: يا رسول الله تخبرنا من هم؟ قال: هم قوم تحابوا بروح الله على غير ارحام بينهم ولا اموال يتعاطونها فوالله ان وجوههم لنور وانهم لعلى نور، لا يخافون اذا خاف الناس، ولا يحزنون اذا حزن الناس، وقرأ هذه الآية: {الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} رواه ابو داوود

وحذيفة بن اليمان يروي عن النبي (ص) انه قال: (ان المؤمن اذا لقي المؤمن فسلم عليه واخذ بيده فصافحه، تناثرت خطاياهما كما تتناثر اوراق الشجر) رواه الطبراني في الاوسط

عرفنا لم كان الله يقول للنبي (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) الكهف 28

...النبي (ص) الى اي حد كان يقدر هذه العلاقة.. علاقة الحب في الله.. يقدرها جدا، وينميها جدا، حتى انه في غزوة احد كان القتلى من المسلمين حوالي سبعين شهيد، الجرحى كثيرون وما من بيت الا وفيه شهيد ، وبدا النبي يقول ادفنوا كل اثنين مع بعض في قبر... وبدا الصحابة ينفذون امر النبي (ص) واذا بالنبي وسط الدفن والالم والبكاء وضيقه على موت حمزة رضي الله عنه يقول: توقفوا وابحثوا لي عن عبد الله بن حيران وعمرو بن الجموح ادفناهما سويا فانهما كانا متحابين في الدنيا... فالرسول (ص) في وسط هذا الجو كله... يطلع من بيته ويبحث عن ابي بكر وعمر ويقف بهم امام الصحابة كلهم ويقوم في الروضة ويقول وهو يمسك بيد ابو بكر وبيد عمر: (هكذا نبعث يوم القيامة) الترمذي وابن ماجه عن ابن عمر

...الحقيقة علاقات الحب في الله علاقات جميلة جدا في وسط زمن يفتقد الناس للانسان الذي ياخذ بيدك الى ربنا.. الذي تجلس معه تتكلمون وربنا راض عنكما ويكتب لكم حسنات ايضا، وربنا يوجب محبته لكما بجلستكما هذه.

...الحقيقة اننا نرى اصحابا كثيرين في الدنيا يخون بعضهم البعض ويضيعون بعضهم البعض بل ويؤذون بعضهم البعض لكن لو احببت انسانا في الله ومن اجل الله لا يمكن يضيعك..

وانظر الى هذه القصة اللطيفة.. سلمان الفارسي كان يؤاخي ابا الدرداء.. فابو الدرداء تزوج مبكرا وسلمان تاخر في الزواج، سلمان الباحث عن الحقيقة ظل يبحث في الارض عن الايمان فتاخر سيدنا سلمان في الزواج وابو تادرداء سبقه لكن فلا سلمان اختار عروسا اعجبته من احدى القبائل فهو احس انه كبير في السن وانه محرج ان يذهب ليخطب وشعر انه كبر على هذه الامور فماذا يفعل؟ بعث ابا الدرداء لوالد العروس فذهب ابو الدرداء فابو العروس قال له كلاما غريبا جدا قال: اما سلمان فلا ازوجه لابنتي فهو لا يعجبني واريدك انت لابنتي.. تخيل!!

فرفض ابو الدرداء وقال لا اخطب على خطبة اخي.. فقال الرجل لن ازوج سلمان ولو تاني العمر ولكني اريد ان ازوجك واذهب الى سلمان وقل له.. فرفض ابو الدرداء فقال الرجل له اقسمت عليك ان تعود الى سلمان فاني اريدك لابنتي، فرجع الى ابيه وهو يكاد يجن.. فرآه سلمان فقال مالك يا ابو الدرداء ماذا فعلت فسكت.. فاصر سلمان فقال له قال لي ابوها: لا اريد سلمان انما اريدك انت، فنظر اليه سلمان وابتسم وقال له تعرف يا ابا الدرداء ان مثلي ومثلك مثل قول الله عز وجل (ونزعنا ما في صدورهم اخوانا على سرر متقابلين) الحجر 47 هكذا اتمنى ان اكون انا وانت.. اخطبها يا ابا الدرداء فانك اخي.. وانما انت جزء مني...

سبحان الله هل يمكن لاثنين ان يتحابا الى هذا الحد؟ من احب لله يستطيع ان يفعل اكثر...

...تحدثنا السيرة ان عكرمة بن ابي جهل قد اصيب يوم اليرموك وكان اخاه المسلم يموت الى جواره وكذلك عكرمة يموت.. والاثنان عطاشى فياتي الساقي لعكرمة فيقول له: لا اشرب حتى يشرب اخي فيذهب الى اخيه فيقول له لا اشرب حتى يشرب عكرمة وظل الساقي بين الاثنين حتى دا رعلى عشرة من الجرحى كل واحد فيهم محتاج لشربة ماء ربما تنقذ حياته لكن كل واحد فيهم يقول لا اشرب حتى يشرب اخي حتى دار على العشرة فرجع الى عكرمة وجده قد مات في سبيل الله

صدقوا هذه النماذج فالحب في الله يفعل اكثر من هذا لقد كان الصحابي يمر على اخيه لما النبي آخى بينه وبينه ويطرق بابه ويقول له اجلس بنا نؤمن ساعة

...أين ستجدونها في الدنيا الآن؟ ونحن نحتاجها جدا فان القلب اكثر تقلبا من القدر في غليانه

...أنا اقول هذا الكلام واتمنى انك تدعو الله كل يوم:
اللهم ارزقني اخا صالحا يعينني على طاعتك
انا واثق انها ستتحقق ان شاء الله وتجد من ياخذ بيدك وانت تاخذ بيده حتى يجمعكم ربنا في الجنة...

تحدثنا في النصف الاول اليوم عن: من اصحابك والنصف الثاني انتقلنا الى: ابحث يا اخي عمن تحبه في الله، من لم يجد من يحبه في الله عاش في الدنيا ومضى ولم يذق احلى حاجة في الدنيا وهي ان يكون هناك من يحبه لاجل ربنا وهذا هو اكثر من تطمئن انه مخلص لك وتظل معه وانت مطمئن

وفي النهاية ارجوكم يا شباب ويا بنات اختاروا اصحابكم.. أرجوكم اختاروا اصحابكم حتى لا تندموا العمر كله...