كلام من القلب
مجاهدة النفس
الأستاذ عمرو خالد
دار إقرأ
سوريا دمشق
هذه السلسلة ليست كلمات تكتب لتحشر في العقول
لكنها نتاج حواري نابض بين الداعية الإسلامي الأستاذ عمرو خالد وعدد من الشباب في
حديث مفتوح أصدق تعبير عنه أنه
" حوارمن القلب"
أردنا أن ننقلها إليكم حية نابضة. حاولنا
جاهدين أن نحافظ على أن تكون سهلة بسيطة قريبة من كلمات أصحابها بلا تكلف أو
تقصير.
وبالله لا تنسونا من صالح دعائكم.
في هذه
الرسالة
أنواع
الصبر
هل النفس
تثبت على نوع واحد؟
هكذا النفس
يمكن أن تنقلب.
أيهما
السبب .. نفسك أم الشيطان؟
حكايتهم
بألسنتهم.
الأشياء
التي تعين على جهاد النفس.
أيهما تحب؟
إهداء
الى كل من
تاهت نفسه على درب الشهوات...
وتاق الى
الاغتراف من الحرام وفجأة....
انكشف
الغطاء..... فأبصر الدرب....
ولاح له من
بعيد نور الرضا وحلاوة القرب
فاهتدى.......
مجاهدة
النفس..
في الحقيقة موضوعنا موجه للناس عامة وللشباب
خاصة..
فكثير من
الشباب يعاني من مشكلة أنه ضعيف أمام نفسه لا يقدر عل ىمقاومتها، فكلما تطلب شيئا
ينفذه لها..
يمكن أن تطلب مخدرات أو معاصي أو ذنوبا أو
أشياء كثيرة جدا ولكنه لا يعرف كيف يقاومها فليس عنده أي طريقة أو تصور للسيطرة
على شهوات نفسه.
وهذه السيطرة والتحكم والتعامل لها تعريف في
ديننا اسمه ( مجاهدة النفس).. ( مجاهدة).. وليس ( جهاد) لأن كلمة مجاهدة أعمق من
كلمة جهاد.
ما هي
مجاهدة النفس؟ وماذا تعني؟ وكيف نفعل هذا؟
فمن شدة غياب هذه المعاني عن النفس، أصبحت هذه
عملية صعبة جدا.
في
البداية.. لا بد أن نعرّف مجاهدة ونعرّف كلمة نفس حتى نجمعهما معا وتفهم عما
نتكلم..
مجاهدة..
في أصل اللغة جاءت من كلمة جهد يعني بذل الجهد أو استفراغ الطاقة إذا مجاهدة النفس
معناها بذل الطاقة واستفراغ الجهد في مقاومة شيء معين يعني أنك تفطم نفسك عن
شهواتها، هل تعرف فطام الرضيع؟ أي أن يبكي لأنه يريد أن يأخذ كذا وكذا ولكن أمه لا
تعطيه شيئا وهذا معناه في حياتنا المعاصرة أن تفطم نفسك وتنازعها عن شهواتها مثلا أصحابي كلهم شربوا
بانجو لا سأكون متماسكا أمامهم.. تعني لا أريد هذا الذنب .. نفسي تراودني أن
أذهب الى هذا المكان وأعمل هذه المعصية لا
لن أذهب لن أفعل هذا سأقول لنفسي لا.
أنواع الأنفس
قد يسأل سائل ما معنى أنواع الأنفس؟ أليست نفسا
واحدة؟ النفس البشرية تطرأ عليها أشياء لها أشكال مختلفة.
النوع الأول.. النفس الأمارة بالسوء: وهو نوع
من أنواع الأنفس، وهذه النفس التي تدفع صاحبها الى فعل كل ما يغضب الله: يعني
تسيطر على صاحبها دائما وتدفعه الى كل شيء يؤدي الى معصية الله، فهي لا تقاوم
المعصية {وما أبرئ نفسي إنّ النفس لأمارة بالسوء} [ يوسف:53]. انظروا الى امرأة
العزيز وصلت على درجة أنها ترغب في عبدها
وتراوده عن نفسها وتغلق الأبواب كلها.. انظروا الى أي حد ضاعت هذه النفس، وبمنتهى
الجرأة لا تستشعر الحياء وفقدت قيمتها كإمرأة ونزلت الى أدنى الدرجات، وفي النهاية
تقول:{ وما أبرئ نفس إنّ النفس لأمارة بالسوء} فالذي جعلني أصل الى هذه الدرجة هذه
النفس التي سيطرت عليّ والتي هي النفس الأمارة بالسوء.
فعلا توجد
أنفس هكذا ـ نعوذ بالله ـ لكني أقول هذا
الكلام وأريدك أن تقول..
هل يمكن أن
أكون هذه؟ فلو كنت هذه فإنها مشكلة وكارثة.
النوع
الثاني.. النفس اللوامة: فحين يرتكب الإنسان معصية تجعله يفكر كيف فعلت هذا؟
ولماذا؟.. أنا لن أكرر هذا الفعل مرة أخرى.. فهذه النفس التي كلما تقع في سيئة ـ
بحكم أنها بشر ـ يحدث لها نوع من الضيق
والشعور بالخطيئة، والشعور بخشية الله عز وجل، { لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم
بالنفس اللوامة} [ القيامة:1-2]. ولنلاحظ شيئا عجيبا جدا وهو علاقة يوم القيامة
بالنفس اللوامة في القسم، وذلك لأن هذه
النفس تذكر دائما بيوم القيامة، فمن علاج النفس لكي تتحول من نفس أمارة بالسوء الى
نفس لوامة أنها تذكر يوم القيامة فتقول لنفسك:" أنت ستقابلين ربك، أنت ستقفين
بين يدي الله عز وجل".
النوع
الثالث.. النفس المطمئنة: وهي التي عندها خوف ورجاء من الله راضية مستقرة ولقد
سماها الله المطمئنة لأن كل الناس حولها
عندهم مشاكل وقلق ورعب ولكنها مطمئنة.. آه لو تعيش نفسك مطمئنة!!
{ يا أيتها
النفس المطمئنة * ارجعي الى ربك راضية مرضية* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي} [
الفجر].
النوع
الرابع.. وهو النفس الغافلة: وهي من أخطر الأنواع فهي غير جادة فصاحبها ليس من
الضائعين العصاة الفجرة أصحاب النفس
الأمارة بالسوء، وليس من الطائعين الحريصين على طاعة الله، وليس من أصحاب النفس
اللوامة التي تلومه عندما يعصي فهو سارح في الدنيا يفعل ما يشاء، مثلا: هي بنت
طيبة وأخلاقها جيدة وتربت تربية جيدة جدا جدا لكن إذا نظرت إليها من الداخل أين هي
من الله ليست عاصية وليست طائعة فهي تائهة.
سأقول لكم شيئا عجيبا.. هل تصدقون أن توبة هذه
النفس الغافلة، أصعب من توبة النفس الأمارة فالعاصي بعد قليل يريد أن يتوب فهو
طوال النهار يفعل كذا وكذا، فلقد تعب من هذه المعاصي، فالمعاصي لها ذل وأرق ونكد،
أما الغافل لا يتوب وذلك لأن الشيطان يضحك عليه دائما....
والنفس الغافلة هذه من أصعب أنواع النفس وللأسف
هي السواد الأعظم من الناس، فأناس كثيرون
ليسوا فجرة عصاة وليسوا عبادا طائعين، فأغلب الناس تائهين.
يا تىر.. من أي نوع أنت؟ هل من النفس التي
تغلبها معصيتها فلا يعرف أن يقاوم شهوته كأنه أسير لها فهي تمسكه من رقبته وتذهب
به أينما تريده وهو ليس له شخصية وليس حرا فهو عبد لهواه وعبد لشهوته. قال تعالى:{
أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا} [ الفرقان: 42].
ونتساءل : هل النفس تثبت على حالة واحدة ولا
تتغير؟ ام أنه من الممكن أن تكون الأربعة أنواع في يوم واحد؟
هذا ممكن.. فمثلا * سحرة فرعون ذهبوا لفرعون
وقالوا:{ فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين* قال
نعم إنكم إذا لمن المقرّبين} [ الشعراء: 41]. يعني أنا لن أعطيكم نقودا فقط، بل
ستكونون من حاشيتي، { فألقوا حبالهم وعصيّهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون}
أنظر فأنت تقول بسم الله وهو يقول بعزة فرعون وألقى موسى عصاه وبعد دقيقة { فألقي
السحرة ساجدين}.
هكذا النفس
يمكن أن تنقلب
يوجد أناس كثيرون يقولون لا يمكن أن نكون
متدينين فهذا يحتاج الى سنوات طويلة، وإذا بسحرة فرعون ينقلبون ويقولون:{ قالوا آمنا برب العالمين} فقال لهم
فرعون { لأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنّكم أجمعين} فردوا عليه قائلين:{
قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض} [طه] هل يمكن أن نجد شخصا كان
يريد قرشين وبعدها بدقيقتين يقال له: "سنقطعك" فيقول: أقض ما أنت قاض؟
ما هذا؟ ماذا حدث من الداخل؟ من المؤكد أنه حدث شيء غير عادي.. لماذا لا يحدث لنا
مثل هذا؟
أخشى أن نكون النفس الرابعة: الغافلة، فالسحرة
قالوا ما أحقر هذه الدنيا!! { إنّا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه
من السحر والله خير وأبقى} [ طه: 73].
وفي حياتنا توجد أيضا معجزات، فهناك أناس كان
عندهم مشاكل ضخمة والله نجاهم منها، وفتح لهم لكننا لا نقرأ ولا نعي معجزات الله.
·
سيدنا عمر بن الخطاب.. اخذ سيفه ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم فقابله
شخص وقال له: بل اقتل اختك فقد أسلمت، فذهب لأخته ولطمها لطمة أسقطت القرط من
أذنها وشقت شفتها، ما هذه النفس الصعبة؟!! وما إن سمع هذه الآيات:{ طه* ما
أنزلنا عليك القرآن لتشقى* إلا تذكرة لمن
يخشى* تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى} بكى فورا وقال: ماذا أفعل لأدخل في
هذا الدين.. فقالوا له: اذهب الى النبي صلى الله عليه وسلم فكان الفاروق عمر بن
الخطاب.. ما هذا في ( أربع وعشرين ساعة) ينقلب من قاتل النبي الى الفاروق!!.
النفس قابلة للتغير ولكن الأمر يحتاج الى
مجاهدة وصدق وإصرار يحتاج الى مجرد لحظة صدق ينوي معها أن يكمل حياته كلها لله عز
وجل.
·
وهذا مثال لطيف جدا لرجل اسمه (فضالة) فضالة هذا كان في يوم فتح مكة عندما
قال النبي صلى الله عليه وسلم للناس ـ إذهبوا فأنتم الطلقاء ـ طبعا لا يوجد أعظم
وأحلم من هذه الأخلاق، فهؤلاء آذوه عشرين سنة وهو يقول لهم أنا عفوت عنكم ـ وكان
فضالة ضمن الذين عفا عنهم النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يشكر جميل النبي صلى الله عليه وسلم ـ فأخذ خنجره وأراد أن يقتل
النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن عفا عنه، كم كانت نفسه صعبة؟ وكان النبي صلى الله
عليه وسلم يطوف حول الكعبة وكان فضالة ينتظر الفرصة المناسبة لذلك، فالتف إليه
النبي صلى الله عليه وسلم وقال له:" بم تحدثك نفسك يا فضالة؟ قال: إني أذكر
الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم اتق الله يا فضالة.. ورفع يده فيقول فضالة:
فظننت أنه سيضربني ثم وضع يده على قلبي وظل يمسح على صدري حتى صار أحب أهل الأرض
الى قلبي.
وكانت هناك علاقة زنا ـ والعياذ بالله ـ بين
فضالة وامرأة وهذا كان في الجاهلية، وكان معتادا على أن يذهب إليها فبعد أن أسلم
مر عليها وهي جالسة فقالت له: هلم الى الحديث يا فضيلة ( أي تعال نتحدث معا)
تخيلوا ماذا سيفعل هذا الرجل الذي كان سيقتل النبي صلى الله عليه وسلم من
دقيقتين..
يقول الشباب أنا لا أقدر أن أقاوم الزنا، أنا
لا أقدر على أن أقاوم البنات، ولكن فضالة قال أبيات من الشعر جميلة جدا:
قالت هلم الى الحديث فقلت *** يأبى عليك الله
والإسلام
لو كانت رأى محمدا محمدا ورجاله *** بالأمس
يوم تكسر الأصنام
ما هذا..؟ من الذي نقلك يا فضالة؟ كيف تحولت
نفسك هكذا؟
ونحن لما
لا نجاهد أنفسنا؟
·
يمكن أن يكونا لسبب أننا ليست عندنا ثقة كافية في الله سبحانه وتعالى،
فالله أعطانا عهدا { والذين جاهدوا فينا لنهديّنهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين}
[ العنكبوت: 96].
فلا بد أن تكون عندنا ثقة كافية في أن الله لن
يضيّعنا أبدا أي لو جاهدت سيعينك فالموضوع يحتاج فقط الى لمس الله عز وجل في في
قلبك قليل من المجاهدة الصادقة.
أيهما
السبب نفسك أم الشيطان؟!
قد نجد شخصا يقول أنا لا أعرف كيف أجاهد نفسي،
فأنا لا أعرف هل الشيطان هو الذي ضحك علي أم نفسي؟
·
النفس تعرف الذنب الذي يؤثر على الإنسان فلو كان هناك ذنب يلح عليّ فإنه
من نفسي وليس من الشيطان، أما الشيطان فما يهمه هو أن أسقط فأي ذنب يجده أمامه فإنه يعينني عليه.
طبعا.. وهذا فرق مهم جدا حتى لا تقول الشيطان هو
الذي ضحك عليّ وجعلني أفعل هذا فالشيطان ليس له هدف أو غاية في معصية معينة. المهم
بالنسبة له أن تعصي يقول لك افعل هذا فتقول لا، فيقول لك مرة أخرى فتقول: لا فيقول لك: افعل شيئا آخر، فينتقل معك
من معصية لأخرى فهدفه أن تسقط بأي طريقة ، لكن النفس تلح على معصية
بعينها تقول لها: لا فتقول أنا أريد هذه المعصية، وتظل هكذا أنا أريد هذه.
وهذا يفسر لنا أنه بالرغم من أن الشياطين تكون
مسلسلة في رمضان إلا أن الناس يعصون، ولذلك يمكن أن تكتشف ـ في رمضان ـ من الأقوى
نفسك أو شيطانك هناك أناس في رمضان يصبحون أسوأ من قبله فهؤلاء نفوسهم سيئة جدا
جدا.
حكايتهم
بألسنتهم
اسمي مصطفى محمود.. عمري 26 سنة تقريبا تخرجت
في كلية التجارة جامعة القاهرة دفعة 1998 أعمل في مجال انتاج الكاسيت ساحكي لكم
قصتي مع الالتزام لعل الله يجعل فيها الفائدة..
لم يكن في حياتي مكان للدين إلا مجرد
اشياء بسيطة، كنت في مدرسة مختلطة، وكانت
حياتي مثل كثير من الشباب خروج وبنات وأغاني وموسيقى، وديسكو يعني كان الغناء
يسيطر عليّ منذ كنت صغيرا، وكنت أحب فنانة حبا غريبا منذ كنت صغيرا، كنت أشتري كل
مجلة عليها صورتها بجنيه أو أو بجنيهين أو حتى بعشر جنيهات، وكان أصحابي يكلمونني
مجلة كذا عليها صورة هذه الفنانة فأذهب وأشتريها، صورة أبيض وأسود وصورة ألوان،
وكان في غرفتي أربعة حوائط مليئة بصور هذه الفنانة ففي يوم أحببت أن أنزع هذه
الصور وعندما مددت يدي انزلتها مرة أخرى.
وفي المرة الثانية حدث نفس الشيء ، ولكني تقدمت
قليلا ونزعت جزءا من الصور وبعد ذلك لصقتها مرة أخرى ولكن في المرة الثالثة بدأت
أستجمع قواي وركزت والحمد لله نجحت ونزعتها. كل من حولي كان يعرف أن حبي لهذه
الفنانة كان حبا فظيعا، فنزعي لهذه الصور كان تغييرا جذريا وفي هذا اليوم أحسست
بنظرة احترام غريبة جدا من أهلي، احكي لكم حكاية ـ في يوم كنت جالسا مع أصحابي
وكنا نرتكب معصية معينة وفي عز النشوة والسعادة حدث موقف أهنت فيه فأحسست بكره شديد لهذه المعصية فنزلت
ورجعت الى البيت ووقفت تحت البيت وكان معي لوازم هذه المعصية، وفي هذه اللحظة قررت أنني لن أعود
الى هذه المعصية مرة أخرى، وبالمناسبة عدت إليها مرة أخرى فلقد بعدت عنها أكثر من مرة وفي كل مرة كنت أعود، وفي يوم حدثت لي
حادثة مع أصحابي فقلنا لن نفعل هذه المعصية وفعلا لم نفعلها ثم رجعنا لها مرة أخرى
لأن الدافع من وراء تركها لم يكن الدين أو الالتزام.
وفي أحد الأيام كنت أجلس في قهوة كنا نجلس عليها
دائما أثناء الدروس فلقد كانت ملتقاتا نذهب الى المدرسة ثم نرجع إليها
بالليل وكنا في رمضان فسمعت من ميكروفون المسجد ـ الشيخ يقرأ القرآن ويدعو
والناس يبكون ورأيت " أمما" يذهبون ويعودون فكان منظرا غريبا جدا فقلت لماذا أنا لست مع هؤلاء الناس؟ لماذا هؤلاء مشغولون
ومهمومون بهم آخر ويعيشون حياة أخرى غير
الحياة التي أعيشها؟..
وأتذكر أيضا أنني في يوم كنت مع أحد أصدقائي في
الجامعة فرأينا حفلة دينية فدخلنا ولم أفهم شيئا من الذي قيل، ولكن ما أحسسته هو
طهارة ونظافة ونقاء الدين، وكل ما أتذكره في هذه اللحظة أنني بكيت وبكيت وأتعجب
لبكائي مع أنني ما قهمت شيئا. والحمد لله بدأت أفكر تفكيرا آخر فتغيرت اهتماماتي
وتغيرت حياتي وأحسست بأحاسيس جميلة ما أحسستها من قبل بمعنى أنني أصبحت إنسانا
وأتمنى أن يصبح كل الناس هكذا لأنني أشعر أنهم بعيدون عن الله وأنهم حرموا من
أشياء جميلة في الدنيا.
أما حكايتي مع الفن فأنا أحب الموسيقى من صغري
وأحب الأغاني فعندما التزمت بدأت لا أحب الأغاني ولا الموسيقى حتى قال شخص لماذا
لا تستخدم هذه الموهبة في طاعة الله؟
والحمد لله
عندي شركة انتاج كاسيت وأقدم أغاني أتمنى من الله أن تكون هادفة ومؤثرة في المجتمع
تأثيرا جيدا.
حوار مع
الشباب
من الممكن أن
يبعد الإنسان عن الله ويعود إليه مرة أخرى، فما هي وسائل الثبات التي تجعل الإنسان لا يعود للمعصية مرة أخرى؟
مصطفى: طبعا الصحبة، فأنا قلت لو أنني غير
موجود في بيئة صالحة ولو كنت وحدي، كنت سأعود على المعصية بعد ستة أو سبعة شهور من
التزامي، طبعا توجد أسباب كثيرة جدا، ولكن الصحبة والبيئة من أهمها.
لماذا أنت مستمر في صداقة اصدقاء السوء، هل
عندك أمل في هدايتهم؟
الأصدقاء ثلاثة أنواع صديق متدين يأخذ بيدك الى
طاعة الله، صديق، صديق محترم، مؤدب لكنه ليس متدينا ولا عاصيا فهو غافل كما قلنا،
أو صديق فاسد فالأصل أن تبتعد عنه قدر المستطاع.
وأوجه كلامي للآباء والأمهات والشباب وأقول لا
يوجد شيء يضيع الإنسان مثل أصحاب السوء، وأتحدى أن يقول أجل أنا وقعت في معصية
كبيرة أو شربت بانجو أو.. أو .. بمفردي فلا بد أن يكون أحد أخذ بيدك لذلك، فلا بد
ان تبتعد عن أصحاب السوء تماما، ولكن يبقى شيء صغير وأظن أن هذا ما يقصده مصطفى أن
تحافظ على هذه العلاقة من بعيد.
لا تنهي هذه العلاقة لأنها من الممكن أن تكون
أنت اليد التي تمتد لهذا الصديق وتأخذ
بيده الى طاعة الله، ولكن الأصل أنك ومحصن نفسك تماما.. أما الصاحب الغافل فهذا
تأخذ بيده وتعلو به وتحرص على صداقته.. والصاحب المتدين تلجأ إليه وتحرص عليه
وتقول له خذ بيدي.
ما هي
الأشياء التي تعينني على جهاد نفسي؟
1- أن أستعين بالله، أن أقول يا
رب كرّهني في كل شيء لا يعجبك وسبحان الله وجدت نفسي أكره كل ما يغضب الله.
** وهذه
نقطة مهمة.. والله يوجد كثير من الناس يدعون سنوات يا رب أعنّي يا رب أخرج هذه
المعصية من قلبي، ولا يستطيع أن يتركها ويحلف لي فجأة انها تخرج من قلبه مثل
الشعرة وكأنها لم تكن..
فهذا هو الأصل
فإذا كنت تريد أن تترك أي معصية في حياتك فعليك أن تلجأ الى من بيده قلبك،
قد يطول هذا حتى يختبر الله صدق الطلب لكن
المعصية ستخرج بعد ذلك إن شاء الله.
2- حضور الدروس الدينية.. لأن
الإيمان مثل البطارية لا بد أن يشحن كل وقت، فالإنسان عندما يحضر درسا دينيا ويأخذ
منه معلومات جيدة وينفذها لمدة يومين، ثلاثة أو أربعة ستزيد معه الطاعة بعد ذلك.
** طبعا
هذه وسيلة طيبة فحضور الدروس شيء مؤثر جدا
والملائكة تحضر هذه الدروس ولكن ليس لازما أن تحضر درسا يمكن مثلا أن تسمع شريطا، تقرأ القرآن المهم
أنك تتلقى العلم لأن الله تعالى قال:{ وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}.
3- أن أحدد الغاية والهدف..
فعندما يكون فكري دائما أنني أريد أن أرضي الله ويكون نظري دائما نحو الجنة فمن
المؤكد أنني كل يوم سأجاهد نفسي أكثر.
** كبّر
الجنة في قلبك أكثر، وكلما كبر رضا الله في قلبك، كلما زادت المجاهدة لأن هناك
غاية كبيرة أريد أن أدخل الجنة وأريد أن أرضي ربي.
4- أن أثق في نفسي أنني سأترك
المعصية.. لون أرجع لها أبدا.
5- أن أترك أصحاب السوء وهذه أكبر
وسيلة.
*** قل لي
من أصحابك أقل لك.. هل تستطيع أو لا؟ ولننظر الى النماذج القرآنية:{ ويوم يعضّ
الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا* يا ويلتي ليتني لم أتخذ
فلانا خليلا} [ الفرقان: 27].
وأختم كلامي... بحديث وكلمة
فأما
الحديث.. ( جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم وقال له: أريد أن أكون رفيقك في
الجنة.. فقال صلى الله عليه وسلم أعنّي على نفسك بكثرة السجود).
وأما الكلمة.. فهي لأبو بكر الصديق رضي الله
عنه قالها لعمر بن الخطاب وهو يوليه الخلافة، نظر أبو بكر لعمر وقال له:" يا
عمر إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك فإن انتصرت عليها كنت على غيرها أقدر وإن
انهزمت أمامها كنت على غيرها أعجز.. يا عمر نفسك التي بين جنبيك".
فأيهما تحب
.. ما
نريده هو أن نجاهد أنفسنا ونحدد مستقبلا لشبابنا وبناتنا وزوجاتنا وأولادنا أننا
نعطي النفس كل ما تريده.. فلا بد أن نجاهد أنفسنا، فأنت بنفسك تستطيع أن تفعل ما
تريده وتجمع بين سعادة الدنيا والآخرة.. فالنفس في الآخرة واحدة من اثنتين:
إما نفس فرحانة سعيدة غير عادية.. { فلا تعلم
نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون} [ السجدة: 17].
أو..
العياذ بالله نفس تكون في جهنم تنادي وتقول.. { أن تقول نفس يا حسرتي على ما
فرّطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين*
أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين* أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرّة
فأكون من المحسنين} [ الزمر: 56].
يا ترى هل تحب أن تلقى الله تبارك وتعالى وأنت
مطمئن النفس؟ أتحب أن تلقاه وهو راض عن هذه النفس وتسمعه وهو يقول: { يا أيتها
النفس المطمئنة* ارجعي الى ربك راضية مرضية* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي}.
أتحب أن تسمع ربك وهو يقول لك يوم القيامة يا
فلان إني راض عنك قد غفرت لك اذهب فادخل الجنة؟ أم تحب أن تسمع ربك وهو يقول لك
عبدي إني غاضب عليك إني أمقتك خذوه يا ملائكتي الى جهنم .. فأيهما تحب أن تكون؟
هل تحب أن تلقى الله تبارك وتعالى وأنت مطمئن
النفس؟!
وتسمعه وهو يناديك يا فلان إني راض عنك